مختص في علم الاجتماع": الاحتفالات مناسبة للتنفيس والمجتمع التونسي استهلاكي بامتياز
تونس-الصباح
انخرطت هذه السنة وعلى غير المعتاد عديد العائلات التونسية كما الفضاءات التجارية في احتفالات "الكريسماس" أو ما يعرف بـ"نوال" وشجرته.. حتى أن معارض التأمت للغرض شبيهة بما يعرف في غالبية الدول الأوروبية بـ marché de noël وتحديدا في بعض المناطق على غرار ضاحيتي المرسى وقمرت والكرم تٌعرض من خلالها مختلف المنتوجات من ملابس وصناعات تقليدية وأثاث للديكور وغيرها من مختلف المنتوجات الاستهلاكية من مرطبات وقطع الشوكولاطة.. إلى جانب عدد من المواد الاستهلاكية الأخرى. كما أن بعض النزل خصصت أجنحة لعرض بعض المنتوجات والابتكارات اليدوية التي تندرج هي الأخرى في إطار ما يعرف بـ"سوق نوال".
فهل أن التونسي أضحى يرى في الأعياد الغربية متنفسا يهرب من خلالها من واقعه أم أن الاحتفال بها هو مجرد مناسبة استهلاكية من شأنها أن تحرك الركود الحاصل في الأسواق؟
من هذا المنطلق سجلت شجرة "نوال" حضورها لدى الكثير من الأسر التونسية كما تصدرت هذه الشجرة بأضوائها وأجراسها المتلألئة واجهة عديد المحلات والفضاءات التجارية الكبرى حتى بات "الكريسماس" جزءا من العادات الراسخة لدى كثيرون.
الاحتفال" بنوال" يجده البعض ممتعا ومسليا وفرصة للتغيير وخلق أجواء جديدة لاسيما وان الوضع العام في البلاد وعلى جميع الأصعدة (سياسيا واجتماعيا واقتصاديا) هو وضع متأزم وخانق وبالتالي يجد شق كبير من التونسيين في إحياء هذه "العادة الغربية" فرصة لخلق أجواء من البهجة والفرحة والتجديد حتى أصبح هذا العيد بمثابة الظاهرة الثقافية لدى كثيرين.
لكن في المقابل تظل احتفالية "نٌوال" هي احتفالية تسويقية تجارية بامتياز بما أن الهدف الأساسي منها هو دفع المواطن الذي يروم من خلال هذا العيد الترفيه عن نفسه إلى الإقبال على شتى المنتوجات والسلع المعروضة وهو ما يمثل فرصة لدفع عجلة الاستهلاك أمام عديد المحلات التجارية التي تعاني منذ مدة ركودا في سلعها. وفي هذا الخصوص جدير بالذكر أن السوق الشعبي بتونس العاصمة "بومنديل" شهد بحر هذا الأسبوع إقبالا منقطع النظير على شراء شجرة الصنوبر ومختلف أدوات الزينة التي يستوجبها إحياء هذه الاحتفالية.
في تفاعله مع هذا الطرح يشير المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين في تصريح لـ"الصباح" أن هنالك خلفيات عديدة تقف وراء الاحتفال بـ"الكريسماس" من ذلك أن التونسي عادة ما يحبذ الاحتفال بالأعياد الدخيلة مشيرا إلى أن الإشكالية تكمن في أن التونسي يعيش اليوم أوضاعا صعبة للغاية في عديد المجالات (سياسية واجتماعية واقتصادية) كما أن الرؤية ضبابية وآخر النفق الذي نعيشه حاليا ما يزال بعيدا .
واعتبر المختص في علم الاجتماع أن التونسي ومن خلال إحيائه لعيد "نوال" يروم التنفيس عن نفسه وكأن هذا العيد هو بمثابة الهروب إلى الأمام .
من جانب آخر وفي نفس السياق يتفق ممدوح مع الطرح الذي يشير إلى أن هذه المناسبة تمثل محطة استهلاكية بامتياز. ويوضح في هذا الخصوص أن المجتمع التونسي هو مجتمع استهلاكي والهدف من إحياء هذا العيد هو البيع والشراء أي السلعنة والمردودية بما أن الشركات التجارية الكبرى لن تفوت هذه الفرصة دون استغلالها لتحقيق أرباح.
وفي نفس الإطار أضاف محدثنا أن ما نعيشه اليوم هو من تبعات العولمة التي كسرت جميع الحدود والقيود خاصة وان التونسي يظل منفتحا على جميع التجارب ليخلص إلى القول بان الاحتفال بعيد "نوال" هو فرصة للتنفيس والترويح عن النفس كما انه يمثل أيضا محطة لذروة الاستهلاك واصفا ما يحدث "بالتخميرة" التي يعيشها التونسي هربا من واقعه حتى لو اقتضى الأمر التداين من اجل إحياء هذه المناسبة التي تعتبر فرصة جوهرية لمضاعفة الأرباح.
في هذا الخضم وبعيدا عن الجانب الربحي لهذه الاحتفالية بما أن عديد الأسر التونسية تستميت في إحياء "شجرة نوال" وشراء الهدايا لأبنائها اقتداء بما تقتضيه هذه المناسبة حتى أن هذا العيد تحول إلى عادة لدى كثيرين، فالأكيد أن التونسي الذي يعيش مناخا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا خانقا ومتوترا بات يبحث في هذا العيد عن جرعة من الفرحة والسعادة بعيدا عن ضغوطات الحياة اليومية ومشاكلها التي تكاد لا تنتهي..
منال حرزي
مختص في علم الاجتماع": الاحتفالات مناسبة للتنفيس والمجتمع التونسي استهلاكي بامتياز
تونس-الصباح
انخرطت هذه السنة وعلى غير المعتاد عديد العائلات التونسية كما الفضاءات التجارية في احتفالات "الكريسماس" أو ما يعرف بـ"نوال" وشجرته.. حتى أن معارض التأمت للغرض شبيهة بما يعرف في غالبية الدول الأوروبية بـ marché de noël وتحديدا في بعض المناطق على غرار ضاحيتي المرسى وقمرت والكرم تٌعرض من خلالها مختلف المنتوجات من ملابس وصناعات تقليدية وأثاث للديكور وغيرها من مختلف المنتوجات الاستهلاكية من مرطبات وقطع الشوكولاطة.. إلى جانب عدد من المواد الاستهلاكية الأخرى. كما أن بعض النزل خصصت أجنحة لعرض بعض المنتوجات والابتكارات اليدوية التي تندرج هي الأخرى في إطار ما يعرف بـ"سوق نوال".
فهل أن التونسي أضحى يرى في الأعياد الغربية متنفسا يهرب من خلالها من واقعه أم أن الاحتفال بها هو مجرد مناسبة استهلاكية من شأنها أن تحرك الركود الحاصل في الأسواق؟
من هذا المنطلق سجلت شجرة "نوال" حضورها لدى الكثير من الأسر التونسية كما تصدرت هذه الشجرة بأضوائها وأجراسها المتلألئة واجهة عديد المحلات والفضاءات التجارية الكبرى حتى بات "الكريسماس" جزءا من العادات الراسخة لدى كثيرون.
الاحتفال" بنوال" يجده البعض ممتعا ومسليا وفرصة للتغيير وخلق أجواء جديدة لاسيما وان الوضع العام في البلاد وعلى جميع الأصعدة (سياسيا واجتماعيا واقتصاديا) هو وضع متأزم وخانق وبالتالي يجد شق كبير من التونسيين في إحياء هذه "العادة الغربية" فرصة لخلق أجواء من البهجة والفرحة والتجديد حتى أصبح هذا العيد بمثابة الظاهرة الثقافية لدى كثيرين.
لكن في المقابل تظل احتفالية "نٌوال" هي احتفالية تسويقية تجارية بامتياز بما أن الهدف الأساسي منها هو دفع المواطن الذي يروم من خلال هذا العيد الترفيه عن نفسه إلى الإقبال على شتى المنتوجات والسلع المعروضة وهو ما يمثل فرصة لدفع عجلة الاستهلاك أمام عديد المحلات التجارية التي تعاني منذ مدة ركودا في سلعها. وفي هذا الخصوص جدير بالذكر أن السوق الشعبي بتونس العاصمة "بومنديل" شهد بحر هذا الأسبوع إقبالا منقطع النظير على شراء شجرة الصنوبر ومختلف أدوات الزينة التي يستوجبها إحياء هذه الاحتفالية.
في تفاعله مع هذا الطرح يشير المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين في تصريح لـ"الصباح" أن هنالك خلفيات عديدة تقف وراء الاحتفال بـ"الكريسماس" من ذلك أن التونسي عادة ما يحبذ الاحتفال بالأعياد الدخيلة مشيرا إلى أن الإشكالية تكمن في أن التونسي يعيش اليوم أوضاعا صعبة للغاية في عديد المجالات (سياسية واجتماعية واقتصادية) كما أن الرؤية ضبابية وآخر النفق الذي نعيشه حاليا ما يزال بعيدا .
واعتبر المختص في علم الاجتماع أن التونسي ومن خلال إحيائه لعيد "نوال" يروم التنفيس عن نفسه وكأن هذا العيد هو بمثابة الهروب إلى الأمام .
من جانب آخر وفي نفس السياق يتفق ممدوح مع الطرح الذي يشير إلى أن هذه المناسبة تمثل محطة استهلاكية بامتياز. ويوضح في هذا الخصوص أن المجتمع التونسي هو مجتمع استهلاكي والهدف من إحياء هذا العيد هو البيع والشراء أي السلعنة والمردودية بما أن الشركات التجارية الكبرى لن تفوت هذه الفرصة دون استغلالها لتحقيق أرباح.
وفي نفس الإطار أضاف محدثنا أن ما نعيشه اليوم هو من تبعات العولمة التي كسرت جميع الحدود والقيود خاصة وان التونسي يظل منفتحا على جميع التجارب ليخلص إلى القول بان الاحتفال بعيد "نوال" هو فرصة للتنفيس والترويح عن النفس كما انه يمثل أيضا محطة لذروة الاستهلاك واصفا ما يحدث "بالتخميرة" التي يعيشها التونسي هربا من واقعه حتى لو اقتضى الأمر التداين من اجل إحياء هذه المناسبة التي تعتبر فرصة جوهرية لمضاعفة الأرباح.
في هذا الخضم وبعيدا عن الجانب الربحي لهذه الاحتفالية بما أن عديد الأسر التونسية تستميت في إحياء "شجرة نوال" وشراء الهدايا لأبنائها اقتداء بما تقتضيه هذه المناسبة حتى أن هذا العيد تحول إلى عادة لدى كثيرين، فالأكيد أن التونسي الذي يعيش مناخا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا خانقا ومتوترا بات يبحث في هذا العيد عن جرعة من الفرحة والسعادة بعيدا عن ضغوطات الحياة اليومية ومشاكلها التي تكاد لا تنتهي..