إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل تلجأ حكومة بودن إلى تنفيذ "مشروع توجيه الدعم إلى مستحقيه"؟

تونس- الصباح

تبحث حكومة السيدة بودن منذ تسلمها لمهامها قبل أكثر من شهر في حلول واقعية وعملية لتجاوز العجز المالي المتراكم في المالية العمومية، ومن بين تلك الحلول التي قد يتم إدراجها ضمن قائمة الإصلاحات التي تنوي الحكومة عرضها على صندوق النقد الدولي وإدماجها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2022، التفكير في ترشيد دعم المواد الأساسية في إطار خطة جاهزة لتوجيه الدعم إلى مستحقيه..

ويطرح هذا الملف بشدة على طاولة الحكومة مع حزمة أخرى من الإصلاحات المستعجلة قد تشمل كذلك كتلة الأجور، والإصلاح الهيكلي لبعض المؤسسات العمومية، خاصة مع تنامي إشكالية ندرة بعض المواد الأساسية وفقدانها في السوق أو عدم وصولها إلى مستحقيها مثل مادة الزيت النباتي وذلك رغم جهود الحكومة لضخ كميات في السوق في الفترة الأخيرة.

وتعاني المالية العمومية منذ سنوات من عجز مزمن جراء ارتفاع نفقات الدولة خاصة في باب تكفل الدولة بدعم المواد الأساسية، وخاصة في المحروقات بسبب ارتفاع أسعارها في السوق العالمية، وفي صنف الحبوب التي يتم توريد 80 بالمائة من حاجياتنا الاستهلاكية منها سنويا من الخارج بالعملة الصعبة وقد تضاعفت أسعارها أيضا في السوق العالمية قرابة ثلاث مرات ليتجاوز سعر القنطار 110 دنانير عند وصوله إلى البلاد، علما أن استيراد القمح يكلف الدولة ما بين 1600 و2000 مليون دينار سنويا تسددها تونس بالعملة الصعبة.

وفي سياق متصل، من المقرر أن يتم خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم عرض مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، علما أن وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، كشف مؤخرا عن أن الحكومة بصدد إعلان خطة إنعاش اقتصادي 2023-2025، قد تتضمن توجها لإصلاح منظومة الدعم.

وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط وفقا لوكالة "رويترز" أن "مراجعة منظومة الدعم، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية والقطاع العام، ومواصلة تحسين وترشيد السياسات الجبائية، تعتبر من بين الإصلاحات التي من شأنها أن تعيد التوازن المالي للدولة".

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد دعا إلى التقشف في المال العام، والتعويل على موارد الدولة الداخلية، وذلك خلال لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وعند اجتماعه بمحافظ البنك المركزي مروان العباسي. غير أنه لم تتضح بعد توجهات هذا التقشف أو المحاور التي سيتم تخفيض النفقات فيها..

ويشترط صندوق النقد الدولي وفقا للبنك المركزي التونسي، إشراك جميع الأطراف الوطنية في إجراء هذه الإصلاحات، في إشارة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف والأحزاب الفاعلة في البلاد. وحث صندوق النقد تونس على خفض الدعم وفاتورة أجور القطاع العام وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية..

لكن الاتحاد العام التونسي للشغل أعلن عن رفضه أي خطط تتضمن خفض الدعم، وهو ما يعرقل الإصلاحات ويعقد جهود الحكومة لإبرام اتفاق مع صندوق النقد بشأن حزمة إنقاذ.

وقبل أسبوعين أكد المتحدث باسم صندوق النقد الدولي "جيري رايس" تلقيه طلب للمساعدة من الحكومة التونسية الجديدة لبحث إمكانية إطلاق برنامج تمويل جديد لصالح تونس.

اللافت للنظر أن جل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، وعدت بإصلاح منظومة الدعم لكنها لم تتجرأ على تنفيذها أو المساس بها رغم وجود دراسات وخطط جاهزة مبنية على أسس علمية وتقنية أبرزها تلك التي تم إعدادها في عهد حكومة الحبيب الصيد وتبلورت أكثر في عهد حكومة يوسف الشاهد، لكنها لم تر النور بسبب غياب القرار السياسي لتنفيذ تفاصيل الخطة الإصلاحية.

وقد يكون قدر حكومة السيدة بودن التي جاءت ضمن مسار 25 جويلية وفي إطار أحكام المرسوم الرئاسي عدد 117 الصادر في 22 سبتمبر 2021، أن تواجه معضلة ملف إصلاح الدعم وترشيده، أو توجيه الدعم إلى مستحقيه مثل ما روجت له حكومات سابقة.

بدأ الحديث عن حتمية إصلاح منظومة الدعم منذ سنة 2014 عبر التسويق لحل "توجيه الدعم مباشرة لمستحقيه"، لكن ظلت المقولة شعارا ترفعه الحكومات المتعاقبة دون أن تتجرأ على تنزيل الشعار إلى الواقع لسببين، الأول يهم صعوبة تحديد الفئات الاجتماعية المستفيدة من الدعم في ظل وجود مقاربات مختلفة ومتناقضة بخصوص نسب الفقر وطريقة احتسابها، والثاني مرتبط بتوفر الإرادة السياسية لتنفيذ الإصلاحات دون تخوف من تبعات الإصلاح سياسيا واجتماعيا.

وتوجد دراسة جاهزة في ترشيد منظومة الدعم منذ نهاية سنة 2018، أعدتها لجنة قيادة حكومية، فضلا عن وجود دراسات أخرى تصب في نفس الخانة مثل الدراسة التي أعدها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، ودراسة أخرى مماثلة أنجزها المعهد الوطني للاستهلاك..

وتقتضي خطة إصلاح منظومة الدعم التخلي عن دعم أسعار المواد الأساسية مثل الحليب والزيت النباتي والسكر والسميد والكسكي والخبز..، والتوجه نحو نظام دعم المداخيل من خلال توجيه الدعم نحو مستحقيه وتسهيل الولوج إلى المنتجات الأساسية، على أن يتم تكوين قاعدة بيانات تتضمن العائلات التي ستنتفع بالدعم وفقا للمداخيل الشهرية والسنوية، ثم يتم التحويل المالي لفائدتهم بالتوازي مع الترفيع في أسعار المواد الأساسية المدعمة على ثلاث مراحل.

رفيق

هل تلجأ حكومة بودن إلى تنفيذ "مشروع توجيه الدعم إلى مستحقيه"؟

تونس- الصباح

تبحث حكومة السيدة بودن منذ تسلمها لمهامها قبل أكثر من شهر في حلول واقعية وعملية لتجاوز العجز المالي المتراكم في المالية العمومية، ومن بين تلك الحلول التي قد يتم إدراجها ضمن قائمة الإصلاحات التي تنوي الحكومة عرضها على صندوق النقد الدولي وإدماجها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2022، التفكير في ترشيد دعم المواد الأساسية في إطار خطة جاهزة لتوجيه الدعم إلى مستحقيه..

ويطرح هذا الملف بشدة على طاولة الحكومة مع حزمة أخرى من الإصلاحات المستعجلة قد تشمل كذلك كتلة الأجور، والإصلاح الهيكلي لبعض المؤسسات العمومية، خاصة مع تنامي إشكالية ندرة بعض المواد الأساسية وفقدانها في السوق أو عدم وصولها إلى مستحقيها مثل مادة الزيت النباتي وذلك رغم جهود الحكومة لضخ كميات في السوق في الفترة الأخيرة.

وتعاني المالية العمومية منذ سنوات من عجز مزمن جراء ارتفاع نفقات الدولة خاصة في باب تكفل الدولة بدعم المواد الأساسية، وخاصة في المحروقات بسبب ارتفاع أسعارها في السوق العالمية، وفي صنف الحبوب التي يتم توريد 80 بالمائة من حاجياتنا الاستهلاكية منها سنويا من الخارج بالعملة الصعبة وقد تضاعفت أسعارها أيضا في السوق العالمية قرابة ثلاث مرات ليتجاوز سعر القنطار 110 دنانير عند وصوله إلى البلاد، علما أن استيراد القمح يكلف الدولة ما بين 1600 و2000 مليون دينار سنويا تسددها تونس بالعملة الصعبة.

وفي سياق متصل، من المقرر أن يتم خلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم عرض مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، علما أن وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، كشف مؤخرا عن أن الحكومة بصدد إعلان خطة إنعاش اقتصادي 2023-2025، قد تتضمن توجها لإصلاح منظومة الدعم.

وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط وفقا لوكالة "رويترز" أن "مراجعة منظومة الدعم، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية والقطاع العام، ومواصلة تحسين وترشيد السياسات الجبائية، تعتبر من بين الإصلاحات التي من شأنها أن تعيد التوازن المالي للدولة".

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد دعا إلى التقشف في المال العام، والتعويل على موارد الدولة الداخلية، وذلك خلال لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وعند اجتماعه بمحافظ البنك المركزي مروان العباسي. غير أنه لم تتضح بعد توجهات هذا التقشف أو المحاور التي سيتم تخفيض النفقات فيها..

ويشترط صندوق النقد الدولي وفقا للبنك المركزي التونسي، إشراك جميع الأطراف الوطنية في إجراء هذه الإصلاحات، في إشارة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف والأحزاب الفاعلة في البلاد. وحث صندوق النقد تونس على خفض الدعم وفاتورة أجور القطاع العام وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية..

لكن الاتحاد العام التونسي للشغل أعلن عن رفضه أي خطط تتضمن خفض الدعم، وهو ما يعرقل الإصلاحات ويعقد جهود الحكومة لإبرام اتفاق مع صندوق النقد بشأن حزمة إنقاذ.

وقبل أسبوعين أكد المتحدث باسم صندوق النقد الدولي "جيري رايس" تلقيه طلب للمساعدة من الحكومة التونسية الجديدة لبحث إمكانية إطلاق برنامج تمويل جديد لصالح تونس.

اللافت للنظر أن جل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، وعدت بإصلاح منظومة الدعم لكنها لم تتجرأ على تنفيذها أو المساس بها رغم وجود دراسات وخطط جاهزة مبنية على أسس علمية وتقنية أبرزها تلك التي تم إعدادها في عهد حكومة الحبيب الصيد وتبلورت أكثر في عهد حكومة يوسف الشاهد، لكنها لم تر النور بسبب غياب القرار السياسي لتنفيذ تفاصيل الخطة الإصلاحية.

وقد يكون قدر حكومة السيدة بودن التي جاءت ضمن مسار 25 جويلية وفي إطار أحكام المرسوم الرئاسي عدد 117 الصادر في 22 سبتمبر 2021، أن تواجه معضلة ملف إصلاح الدعم وترشيده، أو توجيه الدعم إلى مستحقيه مثل ما روجت له حكومات سابقة.

بدأ الحديث عن حتمية إصلاح منظومة الدعم منذ سنة 2014 عبر التسويق لحل "توجيه الدعم مباشرة لمستحقيه"، لكن ظلت المقولة شعارا ترفعه الحكومات المتعاقبة دون أن تتجرأ على تنزيل الشعار إلى الواقع لسببين، الأول يهم صعوبة تحديد الفئات الاجتماعية المستفيدة من الدعم في ظل وجود مقاربات مختلفة ومتناقضة بخصوص نسب الفقر وطريقة احتسابها، والثاني مرتبط بتوفر الإرادة السياسية لتنفيذ الإصلاحات دون تخوف من تبعات الإصلاح سياسيا واجتماعيا.

وتوجد دراسة جاهزة في ترشيد منظومة الدعم منذ نهاية سنة 2018، أعدتها لجنة قيادة حكومية، فضلا عن وجود دراسات أخرى تصب في نفس الخانة مثل الدراسة التي أعدها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، ودراسة أخرى مماثلة أنجزها المعهد الوطني للاستهلاك..

وتقتضي خطة إصلاح منظومة الدعم التخلي عن دعم أسعار المواد الأساسية مثل الحليب والزيت النباتي والسكر والسميد والكسكي والخبز..، والتوجه نحو نظام دعم المداخيل من خلال توجيه الدعم نحو مستحقيه وتسهيل الولوج إلى المنتجات الأساسية، على أن يتم تكوين قاعدة بيانات تتضمن العائلات التي ستنتفع بالدعم وفقا للمداخيل الشهرية والسنوية، ثم يتم التحويل المالي لفائدتهم بالتوازي مع الترفيع في أسعار المواد الأساسية المدعمة على ثلاث مراحل.

رفيق

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews