تحدثت، اليوم، رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري حول المنظومة الصّحية.
وقالت في كلمة القتها خلال اشغال جلسة عامة برلمانية حول مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2026، إنه من مُنطلق أنَّ الحقّ في الصّحة هو من حقوق الإنسان الطبيعيّة التي يجب أن تتوفر لكل المواطنين وفي كل أنحاء البلاد وأن يتحقّق مبدأ العدالة الصّحية القائم على الانصاف في الحصول على الخدمات الصّحية، قصد الاستجابة لحاجيات التونسيين والتونسيّات في مجالي الوقاية والعلاج على وجه الخصوص، تمَّ الشروع في برنامج وطني شامل وفق رؤية رئيس الجمهورية لتأهيل المنظومة الصّحية العمومية وتطويرها، شمل مختلف المستويات القانونية والمؤسساتية والبنية التحتيّة.
وقالت ان الجُهود خلال سنة 2025، تركزت على تكثيف التَوْعية الصّحية الشاملة وتعزيز ثقافة الوقاية لدى المواطن من خلال حَملات توعوية شاملة بإشراك خُبراء في الصّحة فضلا عن تفعيل مقاربة دمج الصّحة في جميع الاستراتيجيات القطاعية واعتماد منهج "الصّحة الواحدة" كمقاربة موحّدة للصّحة البشرية والحيوانية والبيئيّة وإيلاء الأولوية لمكافحة الأمراض حيوانية المنشأ.
أما في مَا يتعلّق بتطوير الخدمات الصّحية، أفادت أنه قد تمّ العمل على تحسين البنية التحتيّة الصّحية وتقريب الخدمات، من خلال تركيز مراكز صّحة باستعمال الوحدات الجاهزة بعدد من العِمَادات والتسريع في نسق أشغال المشاريع الجارية واستكمال بناء مستشفيات جهويّة. كما تكثفت الجهود لتغطية كل الجهات الصّحية بالاختصاصات الطبيّة الأساسيّة وتقريب الخدمات للمرضى من خلال العمل على إعطاء الصبغة الجامعية لـ 20 قسم استشفائي إلى موفّى سنة 2025 وتحسين الخدمات الاستعجالية عبر تشغيل وحدات جديدة للطب الاستعجالي بعدة جهات وبَعث مراكز متخصّصة لعلاج الأمراض السرطانية وتزويد المستشفيات بعشرات سيارات الإسعاف ووحدات الإنعاش المتنقلّة.
وذكرت بإحداث الوكالة الوطنيّة للدواء وموّاد الصّحة كَمرجع وحيد لضمان جودة وسلامة المنتجات الصّحية، إلى جانب إصدار قانون جديد يؤطر المسؤولية الطبيّة ويُكرّس حقوق المرضى ويعزز الثقة في المؤسسات الصّحية العمومية.
وبالتوازي، اكدت تواصل الجهود لإنجاز عدد من المشاريع الصّحية العمومية وخاصة المستشفى الرقمي الذي سيكون الأوّل من نوعه في تونس وهو نظام صحّي يعتمد على التكنولوجيا الحديثة ويتمثل في تقديم خدمات طبية عن بعد بهدف تقريبها من المرضى خاصّة في المناطق الداخلية والنائية، والحدّ من مشقّة التنّقل وتكاليفه بالنسبة للمرضى حيث يتمّ توجيه الفحوصات إلى المستشفى الرقمي ليتمَّ التشخيص وكتابة الوصفات الملائمة لحالات المرضى دون تنقلّهم إلى المستشفى، مضيفة انه يتمّ العمل على أن تتقّدم الأشغال بنسق حَثيث خلال سنة 2026، بالنسبة لعدد من المؤسسات الاستشفائية بكل من القيروان وسبيطلة والجم وغار الدماء وجلمة ومكثر وحفوز والدهماني وتالة وغيرها من المدن.
وفي إطار تعزيز البنية التحتيّة الاستشفائية وتقليص التفاوت الجهوي، افادت أنه يَجري العمل على مواصلة بناء المستشفيات الجهوية من صنف "ب" في عدد من المعتمديات واستكمال الدراسات الفنيّة الخاصة بإنجاز مدينة الأغالبة الطبيّة بالقيروان واستحثاث نسق إنجاز مشروع المستشفى الجامعي الملك سلمان بن عبد العزيز بالقيروان الذي ستنطلق أشغاله خلال هذا الشهر، ليُشّكل مع مدينة الأغالبة ركيزة متكاملة لتطوير الخدمات الصحية في الوسط الغربي ولتعزيز العدالة الجهوية في الحقّ في الصّحة. كما سَنعمل على تحديث التجهيزات الطبيّة ودعم التكنولوجيا الصّحية وخدمات الصّحة المتخصّصة بكافة مستشفيات البلاد.
وباعتبار انّ النفاذ الفعلي للخدمات الصّحية يقتضي تخفيف الأعباء المالية للحصول على العلاج بجودة عالية وفي آجال معقولة، تمّ التنصيص بمشروع قانون الماليّة لسنة 2026 اعتماد جُملة من الإجراءات الجبائية الداعمة للهياكل الصّحية العمومية ومصّحات الضمان الاجتماعي والجمعيّات الناشطة لفائدة الفئات ذات الاحتياجات الخصوصية، إلى جانب منح حوافز مالية لتخفيف كُلّفة الخدمات الصحيّة ودعم تمويل المنظومة الصحيّة العمومية عبر مختلف هذه الإجراءات، لِنَضَع أسس قِطاع صّحي عمومي قَوّي و عادل ومُتطّور و حديث وقادر على حِماية كل المواطنين والمواطنات وتلبية حاجياتهم، ليبقى النفاذ إلى الخدمات الصحيّة المتكاملة وذات الجودة العالية حقًا طبيعيّا.
ومن ناحية أخرى، وسعيا إلى تعزيز دور القطاع الصّحي في دفع الاستثمار والتصدير، سيتّم خلال سنة 2026، تعزيز حوكمة المنظومة الدوائية وتطوير التصنيع المحلي والتَّموْقَع الاستراتيجي في السوق الإفريقية والدولية من خلال مراجعة الإطار القانوني المنظّم للصيدلية المركزية وتحديث قائمة الأدوية الأساسية وَوضع خارطة طريق وطنية لتصنيع اللقاحات ودفع التحوّل الرقمي كرافعة لتطوير المنظومة الصحيّة ورقمَنة الخدمات الصحيّة عن بعد. هذا بالإضافة إلى مراجعة الإطار التنظيمي لمؤسسات تصدير الخدمات الصحيّة وإنشاء سجّل وطني خاصّ بغير المقيمين الوافدين على تونس للتداوي.
وإلى جانب هذه المشاريع الكبرى، تعمل الدّولة على تلبية حاجيات سوق الشغل من الكفاءات شبه الطبيّة عبر التوسّع في مؤسسات التعليم العالي العمومي والخاصّ في المجال الصّحي، مع إرساء تكوين ذي جودة عالية يستجيب للمعايير الدولية، وفق رئيسة الحكومة، كما يتمّ العمل على وضع إطار ترتيبي جديد يُنظّم الخدمات الصحيّة الأساسيّة بالهياكل الصحيّة العمومية.
