- مقاربة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين تونس وتركيا
تزامنا مع إحياء الذكرى 102 لتأسيس الجمهورية التركية، الأربعاء 29 أكتوبر 2025، ومع اقتراب الاحتفال بالذكرى 70 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية التونسية التركية التي أرست أسسها في 9 جويلية 1956، كان لـ"الصباح نيوز" حوار مع سفير الجمهورية التونسية بتركيا أحمد بن الصغير تمحور حول عراقة العلاقات التونسيّة-التركيّة وما تتميّز به من عوامل مُشتركة وأهمّ المجالات التي يتم العمل على تعزيزها في إطار مُقاربة جديدة في العلاقات التجارية مع تركيا، خاصة في ظل تكريس دور الدبلوماسية الاقتصادية التونسية.
وفي منطلق حديثه، أكّد السفير التونسي على أن المقاربة الجديدة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، يجب أن ترتكز على الأبعاد الاستثمارية والشراكة الرابحة-الرابحة، لضمان ديمومة هذه العلاقات التي تشهد في الوقت الحالي زخما كبيرا على عدة مستويات لما فيه مصلحة الجانبين.
وشدّد بن الصغير على ضرورة استثمار الإمكانيات المُتوفرة في تونس وتركيا لإقامة شراكات رابحة-رابحة والابتعاد عن البعد التجاري في العلاقات والذهاب سويّا إلى بعد الشراكة لما من شأنه أن يُؤمّن ديمومة العلاقات التجارية ولتكون العلاقات مُتوازنة ومُتكافئة مع تأمين ظروف "الربح" للجميع.
وفي هذا السياق، أشار إلى أهمية تموقع تونس كنقطة وصل مع إفريقيا ودول الجوار من ذلك ارتباط تونس باتفاقية التبادل الحر مع القارة الأفريقية وأيضا اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي احتفلت تونس مُؤخرا بمرور 30 سنة على دخولها حيز التنفيذ، مُوضحا: "تونس لديها اتفاقيات تفاضلية واتفاقيات تبادل حر... وبالتالي في توجهها للأسواق أو عندما يتوجه لها شركاؤها بما في ذلك تركيا نعمل على أن ندخل في إطار منظومة الشراكة الرابحة وعدم الاقتصار على الجانب التجاري.. وأن نخلق استثمارات ومشاريع تُؤمّن التبادل التجاري.."
اتفاقية التبادل الحر بين تونس وتركيا
وفي هذا السياق، وحول اتفاقية التبادل الحر بين تونس وتركيا المُوقعة بين البلدين سنة 2004، ذكّر أنّه "تمت مراجعة هذه الاتفاقية في 4 ديسمبر 2023 وإدخال تعديلات عليها إثر عقد سلسلة من المفاوضات تم خلالها إقناع الجانب التركي باعتباره شريك بمراجعة الاتفاقية، في إطار تطويرها وإدخال البعد الاستثماري، وقد شملت تطبيق رسوم جمركية على بعض المنتجات التي لها مثيل في تونس بهدف حماية النسيج الاقتصادي والصناعي التونسي. كما تحصّلت تونس على حصص لبعض المواد الزراعية لدخول السوق التركية دون دفع رسوم جمركية.."، لكنه اعتبر أنّ "هذا يبقى غير كافٍ لأن حجم الاقتصاديات في البلدين غير متكافئ"..
وبخصوص تقييم العلاقات التجارية مع تركيا، أفاد أنّه تمّت مُلاحظة تفاقم العجز التجاري مع تركيا من سنة إلى أخرى ليصل إلى أوجه سنة 2022 و2023، ما تطلّب الاتفاق مع الشريك التركي على مراجعة إتفاقية التبادل الحر.
وفي نفس السياق، ذكّر أنّ سنة 2024 شهدت انعقاد منتدييْن للاستثمار الأول في اسطنبول والثاني في تونس كما تمّ عقد مجلس الأعمال التونسي-التركي، قائلا: "هذه الديناميكية ستُمكّننا من إيجاد توازن في مُبادلاتنا التجارية مع الشريك التركي.. ونحن سنعمل في إطار هذه الرؤية من أجل تعزيز علاقاتنا وفق رؤية رابح-رابح للجميع.. وسنواصل العمل وتنظيم التظاهرات في إطار برنامج الدبلوماسية الاقتصادية التونسية الذي يحظى بدعم كبير.. ونعوّل على رجال الاعمال وعلى غرف التجارة والصناعة لدعمنا في الإطار.. لكن كذلك نعوّل على الاعلام الوطني التونسي لإبراز الأنشطة التي تقوم بها بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج لأن كل بعثة دبلوماسية في عهدتها برامج دبلوماسية اقتصادية وثقافية.. وإبرازها سيعود بالنفع على بلادنا وسيُتيح إشعاعها والتعريف بقدراتها وامكانياتها وتعزيز مكانتها الاقليمية والدولية".
تأمين العلاقات الاقتصادية
يرى السفير التونسي أحمد بن الصغير أنّه "لتأمين العلاقات الاقتصادية مع أيّ شريك تجاري لابدّ أن نكون شريكا في الاستثمار وفي الحركية الاقتصادية ولا بد أن يكون كذلك المنظور، وفق منطق الرابح-رابح"، مُضيفا: "لقد تمّ التوفّق في جزء من ذلك وأرقام سنة 2024 خير دليل إذ تطورت صادرات تونس بما يعادل 6% وانخفضت الواردات بنسبة تعادل تقريبا ما بين 15 و20%.. وبالنسبة لهذه السنة ستكون مُختلفة على اعتبار أن حجم الواردات التركية قد يرتفع بما أن العملة التركية مُقارنة مع الدولار قد انخفضت بنسبة كبيرة.. ما سيجعل المنتج المحلي مُتوفرا بأسعار تنافسية ما يساعد المصدر التركي على التصدير نحو الأسواق العالمية من بينها تونس.. لذلك وحتى إن ارتفعت أرقام الصادرات التركية إلى تونس فهذا ما ردّه عامل فارق العملة والتضخم والذي نتج عنه أن العملة التركية فقدت من قيمتها... لذلك ربما الأرقام قد تتجاوز بقليل أرقام السنة الماضية وسننتظر من هنا إلى نهاية السنة كيفما ستكون الأرقام لكن هذا عامل مهم".
أهمية دعم الاستثمارات
ومن جهة أخرى، أكّد بن الصغير أهمية دعم الاستثمارات، مُشيرا إلى وجود توجه نحو الاستثمارات التركية في تونس.
وعن أرقام المستثمرين الأتراك في تونس، قال إنّ هناك 46 شركة، وفق إحصائيات سنة 2024، بقيمة استثمارات تقدر بـ650 مليون دينار تونسي وبطاقة تشغيلية تقدّر بـ2100 موطن شغل، مُعتبرا أنّ هذه الأرقام تبقى غير كافية ويجب دعم الاستثمار لدعم الحركية في إطار رؤيتنا ومقاربتنا "رابح – رابح"، حسب قوله.
الصادرات التركية إلى تونس
وفي سياق آخر، أشار إلى أنّ الصادرات التركية إلى تونس في جزء كبير منها هي صادرات لمُدخلات للتصنيع في تونس وهذا أمر مُهم جدا، حسب تعبيره، على اعتبار أنّ تونس تستورد مُدخلات لإنتاجها في الصناعة التونسية أو في آلات زراعية أو غيرها...
وواصل بالقول: "في إطار اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية مع الاتحاد الأوروبي يجب أن نستفيد من تراكم المنشأ لتصدير صادراتنا ومُنتجاتنا إلى السوق الأوروبية كذلك يجب الاعتماد على التظاهرات الاقتصادية التي يتم تنظيمها في تركيا.. وأيضا اللقاءات التي تقوم السفارة بتنظيمها مع الفاعلين الاقتصاديين بهدف توجيه رسائل إيجابية إلى الجانب التركي مفادها أنّنا نريد مُقاربة الشراكة والاستثمار المُشترك والذهاب للأسواق الخارجية مع بعضنا البعض...".
وختم بالقول: "الاقتصاد التونسي أظهر قدرة على الصمود ونحن في مرحلة بناء جديدة.. مرحلة تستدعي تضافر جهود الجميع ووضع أطر تشريعية وقانونية جديدة ومُنظمة وإدخال الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي ولكن أيضا الإرادة وشعارنا "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".. وقدرنا أن نعمل مع بعضنا حتى نتجاوز الصعاب".
عبير الطرابلسي
- مقاربة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين تونس وتركيا
تزامنا مع إحياء الذكرى 102 لتأسيس الجمهورية التركية، الأربعاء 29 أكتوبر 2025، ومع اقتراب الاحتفال بالذكرى 70 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية التونسية التركية التي أرست أسسها في 9 جويلية 1956، كان لـ"الصباح نيوز" حوار مع سفير الجمهورية التونسية بتركيا أحمد بن الصغير تمحور حول عراقة العلاقات التونسيّة-التركيّة وما تتميّز به من عوامل مُشتركة وأهمّ المجالات التي يتم العمل على تعزيزها في إطار مُقاربة جديدة في العلاقات التجارية مع تركيا، خاصة في ظل تكريس دور الدبلوماسية الاقتصادية التونسية.
وفي منطلق حديثه، أكّد السفير التونسي على أن المقاربة الجديدة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، يجب أن ترتكز على الأبعاد الاستثمارية والشراكة الرابحة-الرابحة، لضمان ديمومة هذه العلاقات التي تشهد في الوقت الحالي زخما كبيرا على عدة مستويات لما فيه مصلحة الجانبين.
وشدّد بن الصغير على ضرورة استثمار الإمكانيات المُتوفرة في تونس وتركيا لإقامة شراكات رابحة-رابحة والابتعاد عن البعد التجاري في العلاقات والذهاب سويّا إلى بعد الشراكة لما من شأنه أن يُؤمّن ديمومة العلاقات التجارية ولتكون العلاقات مُتوازنة ومُتكافئة مع تأمين ظروف "الربح" للجميع.
وفي هذا السياق، أشار إلى أهمية تموقع تونس كنقطة وصل مع إفريقيا ودول الجوار من ذلك ارتباط تونس باتفاقية التبادل الحر مع القارة الأفريقية وأيضا اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي احتفلت تونس مُؤخرا بمرور 30 سنة على دخولها حيز التنفيذ، مُوضحا: "تونس لديها اتفاقيات تفاضلية واتفاقيات تبادل حر... وبالتالي في توجهها للأسواق أو عندما يتوجه لها شركاؤها بما في ذلك تركيا نعمل على أن ندخل في إطار منظومة الشراكة الرابحة وعدم الاقتصار على الجانب التجاري.. وأن نخلق استثمارات ومشاريع تُؤمّن التبادل التجاري.."
اتفاقية التبادل الحر بين تونس وتركيا
وفي هذا السياق، وحول اتفاقية التبادل الحر بين تونس وتركيا المُوقعة بين البلدين سنة 2004، ذكّر أنّه "تمت مراجعة هذه الاتفاقية في 4 ديسمبر 2023 وإدخال تعديلات عليها إثر عقد سلسلة من المفاوضات تم خلالها إقناع الجانب التركي باعتباره شريك بمراجعة الاتفاقية، في إطار تطويرها وإدخال البعد الاستثماري، وقد شملت تطبيق رسوم جمركية على بعض المنتجات التي لها مثيل في تونس بهدف حماية النسيج الاقتصادي والصناعي التونسي. كما تحصّلت تونس على حصص لبعض المواد الزراعية لدخول السوق التركية دون دفع رسوم جمركية.."، لكنه اعتبر أنّ "هذا يبقى غير كافٍ لأن حجم الاقتصاديات في البلدين غير متكافئ"..
وبخصوص تقييم العلاقات التجارية مع تركيا، أفاد أنّه تمّت مُلاحظة تفاقم العجز التجاري مع تركيا من سنة إلى أخرى ليصل إلى أوجه سنة 2022 و2023، ما تطلّب الاتفاق مع الشريك التركي على مراجعة إتفاقية التبادل الحر.
وفي نفس السياق، ذكّر أنّ سنة 2024 شهدت انعقاد منتدييْن للاستثمار الأول في اسطنبول والثاني في تونس كما تمّ عقد مجلس الأعمال التونسي-التركي، قائلا: "هذه الديناميكية ستُمكّننا من إيجاد توازن في مُبادلاتنا التجارية مع الشريك التركي.. ونحن سنعمل في إطار هذه الرؤية من أجل تعزيز علاقاتنا وفق رؤية رابح-رابح للجميع.. وسنواصل العمل وتنظيم التظاهرات في إطار برنامج الدبلوماسية الاقتصادية التونسية الذي يحظى بدعم كبير.. ونعوّل على رجال الاعمال وعلى غرف التجارة والصناعة لدعمنا في الإطار.. لكن كذلك نعوّل على الاعلام الوطني التونسي لإبراز الأنشطة التي تقوم بها بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج لأن كل بعثة دبلوماسية في عهدتها برامج دبلوماسية اقتصادية وثقافية.. وإبرازها سيعود بالنفع على بلادنا وسيُتيح إشعاعها والتعريف بقدراتها وامكانياتها وتعزيز مكانتها الاقليمية والدولية".
تأمين العلاقات الاقتصادية
يرى السفير التونسي أحمد بن الصغير أنّه "لتأمين العلاقات الاقتصادية مع أيّ شريك تجاري لابدّ أن نكون شريكا في الاستثمار وفي الحركية الاقتصادية ولا بد أن يكون كذلك المنظور، وفق منطق الرابح-رابح"، مُضيفا: "لقد تمّ التوفّق في جزء من ذلك وأرقام سنة 2024 خير دليل إذ تطورت صادرات تونس بما يعادل 6% وانخفضت الواردات بنسبة تعادل تقريبا ما بين 15 و20%.. وبالنسبة لهذه السنة ستكون مُختلفة على اعتبار أن حجم الواردات التركية قد يرتفع بما أن العملة التركية مُقارنة مع الدولار قد انخفضت بنسبة كبيرة.. ما سيجعل المنتج المحلي مُتوفرا بأسعار تنافسية ما يساعد المصدر التركي على التصدير نحو الأسواق العالمية من بينها تونس.. لذلك وحتى إن ارتفعت أرقام الصادرات التركية إلى تونس فهذا ما ردّه عامل فارق العملة والتضخم والذي نتج عنه أن العملة التركية فقدت من قيمتها... لذلك ربما الأرقام قد تتجاوز بقليل أرقام السنة الماضية وسننتظر من هنا إلى نهاية السنة كيفما ستكون الأرقام لكن هذا عامل مهم".
أهمية دعم الاستثمارات
ومن جهة أخرى، أكّد بن الصغير أهمية دعم الاستثمارات، مُشيرا إلى وجود توجه نحو الاستثمارات التركية في تونس.
وعن أرقام المستثمرين الأتراك في تونس، قال إنّ هناك 46 شركة، وفق إحصائيات سنة 2024، بقيمة استثمارات تقدر بـ650 مليون دينار تونسي وبطاقة تشغيلية تقدّر بـ2100 موطن شغل، مُعتبرا أنّ هذه الأرقام تبقى غير كافية ويجب دعم الاستثمار لدعم الحركية في إطار رؤيتنا ومقاربتنا "رابح – رابح"، حسب قوله.
الصادرات التركية إلى تونس
وفي سياق آخر، أشار إلى أنّ الصادرات التركية إلى تونس في جزء كبير منها هي صادرات لمُدخلات للتصنيع في تونس وهذا أمر مُهم جدا، حسب تعبيره، على اعتبار أنّ تونس تستورد مُدخلات لإنتاجها في الصناعة التونسية أو في آلات زراعية أو غيرها...
وواصل بالقول: "في إطار اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية مع الاتحاد الأوروبي يجب أن نستفيد من تراكم المنشأ لتصدير صادراتنا ومُنتجاتنا إلى السوق الأوروبية كذلك يجب الاعتماد على التظاهرات الاقتصادية التي يتم تنظيمها في تركيا.. وأيضا اللقاءات التي تقوم السفارة بتنظيمها مع الفاعلين الاقتصاديين بهدف توجيه رسائل إيجابية إلى الجانب التركي مفادها أنّنا نريد مُقاربة الشراكة والاستثمار المُشترك والذهاب للأسواق الخارجية مع بعضنا البعض...".
وختم بالقول: "الاقتصاد التونسي أظهر قدرة على الصمود ونحن في مرحلة بناء جديدة.. مرحلة تستدعي تضافر جهود الجميع ووضع أطر تشريعية وقانونية جديدة ومُنظمة وإدخال الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي ولكن أيضا الإرادة وشعارنا "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر".. وقدرنا أن نعمل مع بعضنا حتى نتجاوز الصعاب".