تميّز انطلاق موسم الإصطياف خلال هذه الفترة بظاهرة انتشار مُلفة لقناديل البحر بعدد من الشواطئ بجهة الساحل على غرار شاطئ "شط مريم "، وشاطئ بوجعفر الأحد الفارط، و بشاطئ "الشرف" بمدينة المنستير هذا الأحد، وفق ما تم تداوله من فيديوهات من قبل مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي.
"الصباح نيوز " اتصلت بمحمد بن الصغيّر خبير في البيئة والتنمية المستدامة، الذي أوضح أنّ قناديل البحر هي كائنات بحرية تنتمي إلى شعبة اللاسعات وتُعتبر من أقدم الكائنات الحية على الأرض حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 500 مليون سنة في البحر الأبيض المتوسط، وهي تشكل جزء مهما من النظام البيئي البحري غير أنها أصبحت في السنوات الأخيرة مصدر إزعاج وقلق بسبب تكاثرها اللافت وتأثيراتها السلبية على الأنشطة البشرية والترفيهية والسياحية.
ورأى الخبير البيئي أن انتشار قناديل البحر في البحر الأبيض المتوسط يعدّ ظاهرة معقّدة تُفرز أبعادا بيئية واقتصادية وصحية.
ورأى أن تكاثرها غير المنضبط يشكّل تهديدا بيئيا يحتاج إلى إدارة مستنيرة وواعية ملمّة بفهم دورة حياة هذا الكائن وأسباب انتشاره وعواقب إنتشاره المبالغ فيه ما يستوجب ضبط استراتيجيات فعالة للحدّ من التأثيرات السلبية.
عوامل ظهور قناديل البحر
وأضاف أنّ ظهور "الحريقة" هو نتاج جملة من العوامل المتّصلة بالمناخ، وهي شكل من أشكال اختلال التّوازن البيئي ومظهر من تداعيّات التغيّرات المناخية التي أصبح يعيشها العالم بأسره.
وأوضح الخبير البيئي أن قناديل البحر تزدهر في المياه الدافئة لذلك فإن ارتفاع حرارة مياه البحر يطيل "موسم القناديل" ويساعدها على التكاثر، معتبرا أن الصيد العشوائي الجائر بدوره يتسبّب في تراجع عدد الأسماك الكبيرة التي تتغذى على قناديل البحر، كما أن تراجع أعداد المفترسات الطبيعية مثل السلاحف البحرية التي يموت عدد مهم منها جراء التلوّث البلاستيكي يزيد في تأزّم الوضع البيئي وبشكل خاص مع تزايد المغذيات في الماء (مثل الأسمدة الزراعية ) التي تجرفها مياه الأمطار نحو البحر وتؤدي الى تكاثر العوالق التي تتغذّى عليها قناديل البحر.
الآثار السلبية لقنديل البحر
يتسبب تكاثر قناديل البحر بشكل غير منضبط في اختلال توازن السلسلة الغذائية وفي انخفاض التنوّع البيولوجي مما يؤدي إلى هيمنة القناديل مقابل تراجع دور بقية الكائنات البحريّة والعوالق النباتية ما يُسهم في تغيّر تركيبة المجتمع العوالقي.
الإجراءات الوقائية
تبقى مسألة الوعي والتحلي بسلوك بيئي حكيم إلى جانب الدّراية الكاملة بالدورة الحياتية. كما أنّ العمل على حماية المفترسات الطبيعية مثل السلاحف البحرية والأسماك لقنديل البحر من أهم عوامل الحد من التأثيرات السلبية لهذه الكائنات أمرا مستوجبا بالتوازي مع إتخاذ كل اجراءات الحد من تلوّث البحر والتقيّد بالإجراءات الكفيلة بتقليل المغذّيات التي تتسبب في التخثّث مع ضرورة تركيز شباك على الشواطئ الساحلية لمنع وصول القناديل البحريّة، وتركيز أنظمة لرصد تحركات أسراب القناديل مع مواصلة تطوير البحوث لدراسة الخصائص الجينية وكل ما يتعلق بهذه الكائنات.
أنور قلالة