إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أفلام وثائقية وروائية.. ومعرض يجسد ذاكرة البلد وهويته.. أيام قرطاج السينمائية تحتفي بالسينما الأرمينية

❞المخرجة الأرمينية «تمارا ستيبانيان»: «قيل لنا أن السينما ليست للنساء.. ولكن وبكل فخر نحن مجموعة من النساء كسرنا «التابوهات» والأبواب الحديدية»❝

تحتفي الدورة الـ36 لأيام قرطاج السينمائية بالسينما الأرمينية التي قدّمت على مدى مائة عام وأكثر أعمالا خالدة راوحت مواضيعها بين الطابع المحليّ والعالمي، وقدّمت للعالم الثقافة والهوية الأرمينية التي تمتلك مخزونا بصريا وموسيقيا هامّا بلغة سينمائية شاعرية وفلسفية. وطيلة الأيام المتبقية من فعاليات هذه الدورة، سيعيش الجمهور على وقع برنامج ثري يضمّ مجموعة من العروض السينمائية، ومعرضا للبوسترات التوثيقية خاصا بمجموعة من الأفلام الأرمينية عبر تاريخها، إضافة إلى «ماستر كلاس» تُؤثثه ثلّة من صنّاع في أرمينيا.

فيلم تحريك وثائقي «Aurora’ssunrise» سيناريو كلّ من «بيتر لياكوف»، «كريستين ماير بيتز»، «إينا ساهاكيان»، وثلاث وثائقيات منها وثائقي قصير «les saisons» سيناريو «أرتافارد بيليشيان»، وفيلمان وثائقيان طويلان «Tonratun the armenian history told by women» سيناريو لـ «أندرانيك ساهاكيان»، وأيضا فيلم « Tezeta» سيناريو «أرامازت كاليجيان»، تمّت برمجتها في القاعات السينمائية التونسية.

أمّا في ما يهمّ الأفلام الروائية الطويلة، فتمّت برمجة 7 أفلام، وهي «Shadows of forgotten ancestors» سيناريو «إيفان تشينديج»، وفيلم «My armenian phantoms» سيناريو كلّ من «تمارا ستيبانيان» و»جان كريستوف فيراري»، وفيلم «La couleur de la grenade» سيناريو «سيرغي باراجانوف»، وفيلم «Nous et nos montagne»، وفيلم «In the land of arto» سيناريو كلّ من «تمارا ستيبانيان» و»جون كريستوف فيراري»، وفيلم «La nature» سيناريو «أرتافازد بيليشيان»، وفيلم «Bonjour, c’est moi» سيناريو «أرنولد أغابابوف».

وسيكون المختصون من أهل الفن السابع على موعد مع «الماستر كلاس» الذي ستؤثثه المخرجة الأرمينية التي تعيش بفرنسا «تمارا ستيبانيان»، وعنوانه «السينما الأرمينية والهويّة»، إذ ستصطحبهم في «رحلة سينمائية تستكشف هوية هذا البلد الصغير الغني بتاريخه العظيم وتراثه الذي يجب أن ينتقل عبر الأجيال»، وستأخذهم إلى «السينما الأرمينية في ظلّ الاتحاد السوفياتي، وفي حوار مع السينما الأرمينية التي ولدت بعد الاستقلال، من نحن، أرمن اليوم؟ وكيف أثّر التاريخ السينمائي في الماضي على السينما المعاصرة اليوم؟ كيف تجسّدت الهويّة الأرمينية في ظلّ النظام؟ وكيف تمّكنت السينما، رغم الرقابة، من الحفاظ على هويتها؟» وفق تقديمها «للماستر كلاس».

وعن السينما الأرمينية تقول «ستيبانيان» في تقديمها للورشة (بدليل المهرجان): «أدخلت السلطة السوفياتية السينما إلى أرمينيا سنة 1923، ومع سقوط الاتحاد السوفياتي توقّف الإنتاج السينمائي لأكثر من عقد من الزمن، لم يتم إنتاج أي فيلم، ثم مع منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت الأفلام المستقلة في الظهور، الواحدة تلو الأخرى. وأنا أنتمي إلى هذا الجيل، إلى الجيل الذي عانى من هذا الانهيار ولكنه استفاد من الاستقلال».

وأضافت المخرجة الأرمينية: «قيل لنا أنّ السينما ليست للنساء. ولكن رغم الصعوبات وبكل فخر، نحن مجموعة من النساء، كسرنا التابوهات والأبواب الحديدية ودخلنا عالم السينما وصناعة الأفلام».

«طباعة الذاكرة»: معرض يستكشف السينما الزمنية كخزان للهوية

فكرة حول هذه الأفلام والذاكرة سيجدها الجمهور التونسي في معرض يحتضنه المتحف الوطني للفن المعاصر والحديث، وتمّ افتتاحه يوم الأحد 14 ديسمبر، ويتواصل إلى غاية يوم السبت القادم، حيث يستكشف فعالية «طباعة الذاكرة» ومفهوم السينما الزمنية، كاشفة عن طبقة من الثقافة والذاكرة التي تمتد عبر الزمن وعمق التاريخ.

ويُصوّر المعرض الذاكرة كصورة مادية ملموسة، تشكّل جسرا يربط بين الأجزاء المتبقية من الذاكرة الجماعية والفردية، لتغدو في النهاية أرشيفا للأفلام التي صاغت الهوية الزمنية الأرمينية، بوصفه مساحة لقاء بين الفن السابع والذاكرة الجماعية، وبين الصورة كوثيقة والصورة كفعل جمالي.

منذ اللحظات الأولى، يبدو المعرض كرحلة بصرية عبر محطات مختلفة من تاريخ السينما الأرمينية، حيث تتجاور الأعمال الكلاسيكية مع تجارب أحدث، دون فواصل حادة، وكأن الزمن هنا يُعاد تركيبه وفق منطق السينما لا التقويم. الأفلام المعروضة لا تُقدَّم بوصفها مواد للعرض فقط، بل كأثر ثقافي، يحمل بصمات بلد صاغت تاريخه التحولات السياسية والمنفى والذاكرة المثقلة بالفقد.

في القاعة، يتنقّل الزائر بين لوحات عملاقة وأخرى صغيرة تعرض مقتطفات أو أعمالا كاملة، تحضر فيها ثيمات الذاكرة، الأرض، العائلة، والحرب، ليس من زاوية مباشرة أو خطابية، بل عبر لغة سينمائية تتكئ على الإيحاء، على الإيقاع البطيء أحيانا، وعلى قوة الصورة الصامتة أكثر من الحوار. هنا، لا تسعى السينما الأرمينية إلى إبهار تقني، بقدر ما تراهن على العمق الإنساني وعلى الاقتصاد في الوسائل.

ويمتد المعرض بين قطبين متناقضين، يمثّلان الفخامة الباروكية والتنفس الكوني، ويضمّ مجموعة من المهاجرين الذين يواصلون نحت الذاكرة الزمنية بعزيمة وبصيرة. إن «سينما هؤلاء المهاجرين معدنية وقوية»، وحمراء وقاسية ومقدسة، تنقل الحكمة عبر الأجيال، وكل عمل ينتجونه لا يذوب مع الزمن، بل يظل بمثابة الأرشيف الثابت لمن يرفضون الاضمحلال.

يُعرض هذا المفهوم للسينما الزمنية في سياق جغرافي وإنساني، حيث يلتقي الزوار بالحرفيين، والنساء اللواتي يحملن الأغاني القديمة، والأطفال الذين يؤدون الأدوار، والناجون الذين يسردون قصصهم دون تجميل. وكل ما يُشاهد ويُطبع ويُلصق في المعرض يصبح جزءا من الذاكرة الجماعية، شاهدا على تاريخ يتجاوز الحدود والزمن.

وتُعد تجربة «طباعة الذاكرة» تجربة متجددة تهدف إلى استعادة الصورة بقوة الصوت العاطفي، وتحتضن هشاشة الإنسان، وتؤكد أن هذه السينما صامدة، ومحرك جبار يتحدى مسار الذاكرة.

اختيار المتحف الوطني للفن المعاصر والحديث لاحتضان هذا المعرض لا يبدو اعتباطيا، فالمكان، بما يحمله من رسائل فنية ورمزية، يتيح للسينما أن تُقرأ خارج قاعة العرض التقليدية، وأن تُستقبل كفن بصري متكامل، قادر على محاورة الفنون الأخرى. كما يمنح الجمهور فرصة مختلفة للمشاهدة، حيث لا يكون الالتزام بزمن العرض صارما، بل يتحوّل التلقي إلى تجربة شخصية، حرة ومفتوحة.

ما يميّز هذا المعرض ليس فقط التعريف بالسينما الأرمينية، بل الطريقة التي يُعاد بها طرح سؤال السينما نفسها: هل هي أداة حفظ للذاكرة؟ أم فعل مقاومة؟ أم محاولة مستمرة لإعادة سرد التاريخ من زاوية إنسانية؟ الأسئلة تبقى مفتوحة، تماما كما أرادها القائمون على المعرض، دون إجابات جاهزة أو مسارات مشاهدة مفروضة.

إيمان عبد اللطيف

أفلام وثائقية وروائية.. ومعرض يجسد ذاكرة البلد وهويته..   أيام قرطاج السينمائية تحتفي بالسينما الأرمينية

❞المخرجة الأرمينية «تمارا ستيبانيان»: «قيل لنا أن السينما ليست للنساء.. ولكن وبكل فخر نحن مجموعة من النساء كسرنا «التابوهات» والأبواب الحديدية»❝

تحتفي الدورة الـ36 لأيام قرطاج السينمائية بالسينما الأرمينية التي قدّمت على مدى مائة عام وأكثر أعمالا خالدة راوحت مواضيعها بين الطابع المحليّ والعالمي، وقدّمت للعالم الثقافة والهوية الأرمينية التي تمتلك مخزونا بصريا وموسيقيا هامّا بلغة سينمائية شاعرية وفلسفية. وطيلة الأيام المتبقية من فعاليات هذه الدورة، سيعيش الجمهور على وقع برنامج ثري يضمّ مجموعة من العروض السينمائية، ومعرضا للبوسترات التوثيقية خاصا بمجموعة من الأفلام الأرمينية عبر تاريخها، إضافة إلى «ماستر كلاس» تُؤثثه ثلّة من صنّاع في أرمينيا.

فيلم تحريك وثائقي «Aurora’ssunrise» سيناريو كلّ من «بيتر لياكوف»، «كريستين ماير بيتز»، «إينا ساهاكيان»، وثلاث وثائقيات منها وثائقي قصير «les saisons» سيناريو «أرتافارد بيليشيان»، وفيلمان وثائقيان طويلان «Tonratun the armenian history told by women» سيناريو لـ «أندرانيك ساهاكيان»، وأيضا فيلم « Tezeta» سيناريو «أرامازت كاليجيان»، تمّت برمجتها في القاعات السينمائية التونسية.

أمّا في ما يهمّ الأفلام الروائية الطويلة، فتمّت برمجة 7 أفلام، وهي «Shadows of forgotten ancestors» سيناريو «إيفان تشينديج»، وفيلم «My armenian phantoms» سيناريو كلّ من «تمارا ستيبانيان» و»جان كريستوف فيراري»، وفيلم «La couleur de la grenade» سيناريو «سيرغي باراجانوف»، وفيلم «Nous et nos montagne»، وفيلم «In the land of arto» سيناريو كلّ من «تمارا ستيبانيان» و»جون كريستوف فيراري»، وفيلم «La nature» سيناريو «أرتافازد بيليشيان»، وفيلم «Bonjour, c’est moi» سيناريو «أرنولد أغابابوف».

وسيكون المختصون من أهل الفن السابع على موعد مع «الماستر كلاس» الذي ستؤثثه المخرجة الأرمينية التي تعيش بفرنسا «تمارا ستيبانيان»، وعنوانه «السينما الأرمينية والهويّة»، إذ ستصطحبهم في «رحلة سينمائية تستكشف هوية هذا البلد الصغير الغني بتاريخه العظيم وتراثه الذي يجب أن ينتقل عبر الأجيال»، وستأخذهم إلى «السينما الأرمينية في ظلّ الاتحاد السوفياتي، وفي حوار مع السينما الأرمينية التي ولدت بعد الاستقلال، من نحن، أرمن اليوم؟ وكيف أثّر التاريخ السينمائي في الماضي على السينما المعاصرة اليوم؟ كيف تجسّدت الهويّة الأرمينية في ظلّ النظام؟ وكيف تمّكنت السينما، رغم الرقابة، من الحفاظ على هويتها؟» وفق تقديمها «للماستر كلاس».

وعن السينما الأرمينية تقول «ستيبانيان» في تقديمها للورشة (بدليل المهرجان): «أدخلت السلطة السوفياتية السينما إلى أرمينيا سنة 1923، ومع سقوط الاتحاد السوفياتي توقّف الإنتاج السينمائي لأكثر من عقد من الزمن، لم يتم إنتاج أي فيلم، ثم مع منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت الأفلام المستقلة في الظهور، الواحدة تلو الأخرى. وأنا أنتمي إلى هذا الجيل، إلى الجيل الذي عانى من هذا الانهيار ولكنه استفاد من الاستقلال».

وأضافت المخرجة الأرمينية: «قيل لنا أنّ السينما ليست للنساء. ولكن رغم الصعوبات وبكل فخر، نحن مجموعة من النساء، كسرنا التابوهات والأبواب الحديدية ودخلنا عالم السينما وصناعة الأفلام».

«طباعة الذاكرة»: معرض يستكشف السينما الزمنية كخزان للهوية

فكرة حول هذه الأفلام والذاكرة سيجدها الجمهور التونسي في معرض يحتضنه المتحف الوطني للفن المعاصر والحديث، وتمّ افتتاحه يوم الأحد 14 ديسمبر، ويتواصل إلى غاية يوم السبت القادم، حيث يستكشف فعالية «طباعة الذاكرة» ومفهوم السينما الزمنية، كاشفة عن طبقة من الثقافة والذاكرة التي تمتد عبر الزمن وعمق التاريخ.

ويُصوّر المعرض الذاكرة كصورة مادية ملموسة، تشكّل جسرا يربط بين الأجزاء المتبقية من الذاكرة الجماعية والفردية، لتغدو في النهاية أرشيفا للأفلام التي صاغت الهوية الزمنية الأرمينية، بوصفه مساحة لقاء بين الفن السابع والذاكرة الجماعية، وبين الصورة كوثيقة والصورة كفعل جمالي.

منذ اللحظات الأولى، يبدو المعرض كرحلة بصرية عبر محطات مختلفة من تاريخ السينما الأرمينية، حيث تتجاور الأعمال الكلاسيكية مع تجارب أحدث، دون فواصل حادة، وكأن الزمن هنا يُعاد تركيبه وفق منطق السينما لا التقويم. الأفلام المعروضة لا تُقدَّم بوصفها مواد للعرض فقط، بل كأثر ثقافي، يحمل بصمات بلد صاغت تاريخه التحولات السياسية والمنفى والذاكرة المثقلة بالفقد.

في القاعة، يتنقّل الزائر بين لوحات عملاقة وأخرى صغيرة تعرض مقتطفات أو أعمالا كاملة، تحضر فيها ثيمات الذاكرة، الأرض، العائلة، والحرب، ليس من زاوية مباشرة أو خطابية، بل عبر لغة سينمائية تتكئ على الإيحاء، على الإيقاع البطيء أحيانا، وعلى قوة الصورة الصامتة أكثر من الحوار. هنا، لا تسعى السينما الأرمينية إلى إبهار تقني، بقدر ما تراهن على العمق الإنساني وعلى الاقتصاد في الوسائل.

ويمتد المعرض بين قطبين متناقضين، يمثّلان الفخامة الباروكية والتنفس الكوني، ويضمّ مجموعة من المهاجرين الذين يواصلون نحت الذاكرة الزمنية بعزيمة وبصيرة. إن «سينما هؤلاء المهاجرين معدنية وقوية»، وحمراء وقاسية ومقدسة، تنقل الحكمة عبر الأجيال، وكل عمل ينتجونه لا يذوب مع الزمن، بل يظل بمثابة الأرشيف الثابت لمن يرفضون الاضمحلال.

يُعرض هذا المفهوم للسينما الزمنية في سياق جغرافي وإنساني، حيث يلتقي الزوار بالحرفيين، والنساء اللواتي يحملن الأغاني القديمة، والأطفال الذين يؤدون الأدوار، والناجون الذين يسردون قصصهم دون تجميل. وكل ما يُشاهد ويُطبع ويُلصق في المعرض يصبح جزءا من الذاكرة الجماعية، شاهدا على تاريخ يتجاوز الحدود والزمن.

وتُعد تجربة «طباعة الذاكرة» تجربة متجددة تهدف إلى استعادة الصورة بقوة الصوت العاطفي، وتحتضن هشاشة الإنسان، وتؤكد أن هذه السينما صامدة، ومحرك جبار يتحدى مسار الذاكرة.

اختيار المتحف الوطني للفن المعاصر والحديث لاحتضان هذا المعرض لا يبدو اعتباطيا، فالمكان، بما يحمله من رسائل فنية ورمزية، يتيح للسينما أن تُقرأ خارج قاعة العرض التقليدية، وأن تُستقبل كفن بصري متكامل، قادر على محاورة الفنون الأخرى. كما يمنح الجمهور فرصة مختلفة للمشاهدة، حيث لا يكون الالتزام بزمن العرض صارما، بل يتحوّل التلقي إلى تجربة شخصية، حرة ومفتوحة.

ما يميّز هذا المعرض ليس فقط التعريف بالسينما الأرمينية، بل الطريقة التي يُعاد بها طرح سؤال السينما نفسها: هل هي أداة حفظ للذاكرة؟ أم فعل مقاومة؟ أم محاولة مستمرة لإعادة سرد التاريخ من زاوية إنسانية؟ الأسئلة تبقى مفتوحة، تماما كما أرادها القائمون على المعرض، دون إجابات جاهزة أو مسارات مشاهدة مفروضة.

إيمان عبد اللطيف