

عندما تستمع الى قيادات احزاب الترويكا المنحلة او البعض الاخر من قيادات الاحزاب الذين ترشحوا للانتخابات الرئاسية يساورك الشك في ان البلاد مرت بثورة وانها عاشت مخاضا اليما انتهى الى وضع دستور يجد فيه السواد الاعظم من التونسيين انفسهم ، وانها انجزت انتخابات حرة وديمقراطية قال خلالها الشعب كلمته فاختار من اختار واقصى من اقصى وهو محق وان اخطأ في نظر البعض .
ان خطاب اولائك الساسة وخاصة من لبس منهم جبة الحاكم لبعض الوقت واكتوت ايديهم بنار السلطة بنفس القدر الذي تمتعوا فيه بفضائلها لم يقدروا بعد على هضم هزيمتهم في التشريعية كما فشلوا في اقناع انفسهم باصول الديمقراطية التي من اهم مبادئها الاساسية مبدإ التداول على السلطة بعد ان فشلوا في وضع قانون الاقصاء الذي لا غاية لهم منه غير ازاحة كل خصم محتمل ليكون الطريق معبدا لتجديد البيعة لهم دون ان يتمكن التونسي من حق الاختيار بين اكثر من عائلة سياسية بل عليه فقط ان يختار بين الاسلام السياسي او من طرحوا انفسهم بدلاء له وظلوا في نفس الوقت شركاء اوفياء له على امتداد ثلاث سنوات، فارضين بذلك موديلا وحيدا على التونسيين.
وحدها النهضة كانت الاذكى عندما رفضت قانون الاقصاء لانها لا تريد ان تكون رهينة بين ايديهم ولانها لا تريد ان تنقل المعركة - التي بدانا نشهد بوادرها - الى ساحة بيتها ولانها تريد ان تكون الحكم بين الخصماء لا خصما لمن يتصورون انفسهم حكماء وهم عن الحكمة ابعد ما يكونون .. فاليوم اذا وعندما تغمض عينيك وتنصت لمصطفى بن جعفر وللمنصف المرزوقي ولاخرين يُخيّل اليك وكان عقارب الساعة توقفت ذات يوم من ايام ما قبل ثورة 14 جانفي وان الجماعة وكعادتهم على قناة الجزيرة يرددون نفس الكلام الذي يتمحور حول الاستبداد وانهم يعرضون انفسهم البديل الوحيد والضامن الاول للديمقراطية .. اليوم تكتشف ان السلطة لم تغيّر فيهم شيئا وان من شبّ على شيء شاب عليه وان الطبع يغلب التطبّع وانهم لا يتقنون غير دور المعارضة بدليل انهم فشلوا في الحكم كما فشلوا في اول امتحان للديمقراطية وانهم احرى بهم ان يبحثوا عن الخطإ في انفسهم قبل يلقوا بالمسؤولية على الاخر ..الاحرى ان كانوا يؤمنون بالديمقراطية ان يسارعوا بتقديم استقالاتهم من احزابهم وفسح المجال لقيادات جديدة تستخلص العبر من الهزيمة النكراء التي لحقت بهم ومحقت جهود مناضليهم على امتداد سنوات في طول البلاد وعرضها وتؤسس لبناء مستقبل افضل على اسس سليمة ... ذاك هو سلوك المناضلين الذين اذا ما دخلوا من الباب الكبير ليس من حقهم ان يغادروه من ابواب النجدة
حافظ الغريبي