

أعلن وزير الاقتصاد والمالية الاسبوع المنقضي عن النتائج الاولية للاكتتاب الوطني في القرض الرقاعي الذي وانطلق منذ شهر دون دعاية كبرى تذكر فقد نجح في جمع زهاء المليار دينارا أي ما يعادل 191 بالمائة من التوقعات الأولية التي كان من المفترض ان يوفرها . إن هذا الرقم يعكس مدى إقبال التونسيين الطوعي على الاستثمار في بلادهم ومدى ثقتهم في مستقبل هذا الوطن ومدى توفر الاعتمادات الذاتية التي قد تغني البلاد عن الاقتراض الأجنبي المشطّ..لكن ورغم أهمية الموارد الوطنية فقد اختارت الحكومات المتعاقبة أن تدير لها ظهرها مفضلة دوما التعويل على الخارج في حين أن الاكتتاب الوطني يمثل في جد ذاته أفضل دعاية لتونس في الخارج إذ لا شيء يدفع المستثمر الأجنبي الى الاستثمار في تونس والتونسيون يغادرونها للاستثمار خارج أرض الوطن او يفضلون الانكماش خوفا من مآل مجهول العواقب . واعتقادنا أن مؤتمرا لأصدقاء تونس لن يكتّب له النجاح ما لم يكن مسبوقا بمؤتمر لأبناء تونس يحقق المصالحة الوطنية ويزرع الطمأنة في القلوب ويضع جدا لسيف ديموقليس الذي يهدد رقابهم ..والمؤكد والدليل توفر اليوم بين أيادي حكومة جمعة ان تونس قادرة على استعادة انتعاشتها الاقتصادية وتوفير مئات الآلاف من مواطن الشغل الإضافية للتونسيين لو بادر جمعة بدعوة عشرين من ممثلي كبرى المجموعات الاقتصادية في تونس وأنصت إلى مشاغلهم وتفهم مخاوفهم وساعدهم على حل مشاكلهم .. إن مثل هذه المبادرة قادرة ان تدفعهم لتوفير ما لا يقل عن مليار ونصف المليار دينارا من الاستثمارات في مشاريع كبرى تغيّر وجه البلاد خلال أشهر قليلة عوضا عن استثمارات أجنبية يتطلب تحقيقها سنوات..فكل الإمكانات متوفرة فقط رسائل الطمأنة هي الغائبة ، وقد أراد التونسيون من خلال مساهمتهم الجادة في الاكتتاب الوطني أن يقدموا درسا لرئيس الحكومة مهدي جمعة ولحكومته الشابة وللحكومات القادمة أن ثقوا فينا ولا تعتبروننا عجلة خامسة ولا تحولونا الى كرة تتقاذفها أرجل الأحزاب وسترون العجب العجاب ..فهل يا ترى استوعب جمعة الدرس ؟
حافظ الغريبي