

أعلنت أمس مؤسستا «سيغما كونساي» و»امرود كونسلتينغ» لسبر الآراء فوز حركة النهضة في الانتخابات التشريعية بنسبة تقارب 18 بالمائة في حين حلّ حزب قلب تونس ثانيا بنسبة تقارب 16 بالمائة، وحملت هذه النتائج الأولية وغير الرسمية العديد من المفاجآت في أعلى وآخر الترتيب على حد سواء، حيث احتل الحزب الدستوري المركز الثالث تلاه ائتلاف الكرامة والتيار الديمقراطي، مقابل حصيلة كارثية لأحزاب معروفة على غرار نداء تونس والجبهة الشعبية وآفاق تونس، ولتفسير أسباب هذه النتائج المفاجأة التي ستغير المشهد السياسي اتصلت «الصباح الأسبوعي» بمتابعين للشأن الوطني الذين أجمعوا على صعوبة المرحلة القادمة، حيث سيتنازع كل من حركة النهضة وقلب تونس الفوز في هذه الانتخابات المعقدة خاصة أن احتساب النسب الحاصلة إلى حد الآن دون معرفة عدد أصوات كل القائمات ودون أخذ مسألة أكبر البقايا بعين الاعتبار في احتساب توزيع المقاعد في الدوائر الانتخابية يجعل الأمور غير محسومة اضافة إلى ضرورة تتطابق محاضر الفرز لاحتساب النتائج وتوزيع المقاعد بشكل نهائي، بما سيفرز مشهدا معقدا ويصعب انفراد أي حزب بالحكم خلال المرحلة القادمة.
في هذا السياق قال المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريح لـ«الصباح الأسبوعي» :» ما حصل هو تحول كبير في المشهد الانتخابي والسياسي سيؤثر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي، وذلك بعد صعود قوى جديدة مقابل اندثار قوى ذات وزن سياسي، و الأهم والأخطر هو عودة الاستقطاب الثنائي ، الذي ان لم يجد من يتصدى له ويتعامل معه بطريقة مناسبة فان تأثيره سيكون سلبيا على الاستقرار وسيدخل البلاد في صراعات بشكل لن يستطيع البرلمان القيام بمهامه على الوجه الأكمل بما سيترتب عنه مفاجآت غير سارة».
حكم بـ «الإعدام»
على صعيد متصل أكد صلاح الدين الجورشي أن نتائج الانتخابات التشريعية حكمت على حركة نداء تونس بالإعدام نهائيا، بعد المشاكل والصعوبات التي واجهها الحزب خلال السنوات الماضية، وحتى الأحزاب التي خرجت من رحمه فشلت فشلا ذريعا نتيجة الحسابات الضيقة لقياداتها، في حين تواجه ما يعرف بالعائلة الوسطية مصيرا محفوفا بالمخاطر بسبب التشرذم الذي تعيشه بعد أن أضاعت فرصة تاريخية للتموقع والأخذ بزمام الأمور، أما حركة النهضة المستفيد الأكبر من هذه النتائج، فإنها ستكون أمام وضعية صعبة ومعقدة، وربما لن يكون بإمكانها الاستفادة من هذا الفوز، وفق قوله.
مفاجأة التشريعية
من جهته قال المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي في تصريح لـ «الصباح الأسبوعي» : «انتصار حركة النهضة لا يمكن اعتباره انتصارا بالمعنى الحقيقي لأنها تراجعت بشكل لافت وخطير مقارنة بانتخابات 2014، وذلك رغم التعبئة الكبيرة التي قامت بها على امتداد الحملة الانتخابية، وهي نتيجة هزيلة تعود أسبابها إلى الخلافات العميقة داخل الحركة والتي طفت على السطح في الآونة الأخيرة، وعدم رضاء قطاع واسع على القائمات التي شكلت قبل الانتخابات، أما انفراد حزب قلب تونس بالمركز الثاني وتحقيق هذه النتيجة الجيدة فإنه يعود أساسا إلى الدعم المالي الكبير من قبل رؤوس أموال قوية وظاهرة المال التي كانت حاسمة لهذا الحزب الناشئ، إضافة إلى استفادته من القناة الإعلامية التي يملكها نبيل القروي، كما أن هذا الحزب استحوذ على الخزان الانتخابي لحركة نداء تونس.
واعتبر الحناشي أن المفاجأة في هذه الانتخابات هي الحزب الدستوري الذي أخذ موقعا هاما بالنظر إلى الرفض الكبير الذي كان يلقاه بسبب انتسابه للتجمع المنحل، في المقابل تحيا تونس هو أكبر ضحايا الانتخابات وضحية حملة الشيطنة التي طالت يوسف الشاهد وحكومته التي حملوها مسؤولية الفشل طيلة الثلاث سنوات الأخيرة، أما بقية الأحزاب والعائلات السياسية التي كانت بالأمس القريب ذات وزن في المشهد فيبدو أنها اندثرت واضمحلت لأنها لم تعد قادرة على إقناع الشعب رغم أن صوتها كان مرتفعا في المعارضة، وفق تعبيره.
وجيه الوافي
جريدة الصباح الاسبوعي