

يبدو مشروع قانون المالية لسنة 2018 المثير للجدل بمثابة تفاحة آدم التي ستنزل الممضين على اتفاق قرطاج من جنة التوافق الى جحيم الخلافات المصلحية الضيقة.
فاتحاد الأعراف يرى في إثقال كاهل المؤسسة بالاداءات طريقة مستحدثة لتمويل المالية العمومية بغاية تلبية الزيادات الموعودة في أجور الموظفين العموميين رافضا انفاق مداخيل الجباية في غير المجالات التنموية.
وبغض النظر عن الأهداف التي ترغب الحكومة في تحقيقها من الرفع في الأداء فان ما وجب التوقف عنده هو ان الرفع في الأداء على الاستهلاك وعلى القيمة المضافة في ظل غياب إدارة قوية ومراقبة حدودية ناجزة وصارمة من شانه أن يفتح الباب على مصراعيه لمزيد إنعاش السوق الموازية في شتى المجالات إضافة لارتفاع نسب التضخم والإضرار بالمقدرة الشرائية للمواطن.
وقد كشفت عملية محاكاة ،عند الرفع في الأداء على الاستهلاك وعلى القيمة المضافة ، لأسعار عينة من المواد الغذائية شبه الأساسية المصنعة محليا وفق ما يقترحه مشروع قانون المالية ارتفاعا بين 22 و50 بالمائة في ثمن بيعها بالتفصيل بما يعني إثقالا جديدا لكاهل المستهلك.. ولن يقف الامر عند ذاك ..اذ بالتوازي سيفسح المجال أمام المصانع العشوائية لإنتاج بضائع بديلة لا تستجيب للمواصفات إضافة لتشجيع التصدير للأسواق المجاورة وإعادة نفس البضائع عبر مسالك التهريب وضخها مجددا في الدورة الاقتصادية وفي المحلات التجارية عبر منظومة التجارة الموازية دون القدرة على مراقبتها.
وما ينطبق على تلك العينة من الإنتاج المحلي ينطبق بدوره على توريد السيارات التي يقترح مشروع قانون المالية الرفع في الأداء المسلط على توريدها بما سينعش مجددا السوق الموازية التي تعمل بنظام العودة النهائية للمهاجرين "اف سي أر"وبما يعنيه إنعاشها من تعدد الأصناف والأنواع والماركات وإدخال الاضطراب على سوق توريد قطع الغيار وتعطيل الحركة الاقتصادية جراء ندرة توفر قطع الغيار المطلوبة ..زد على ذلك ما تردد من تهديد أوربي بإيقاف توريد مكونات السيارات المصنّعة في تونس في حالة فرض قيود على منتجاتها المصدرة لبلدنا.
إن الإجحاف في الرفع من نسب الأداء في ظل ظروف اقتصادية غير مستقرة وفي ظل عجز هيكلي على مقاومة السوق الموازية وحماية الحدود من المهربين لن يكون له انعكاس ايجابي بل مجرد مراكمة للفشل وإنهاك للمواطن وإضرار بالمؤسسة لذلك يستوجب الجلوس مجددا للتفاوض حول حلول بديلة حتى لا تٌنزل "تفاحة" قانون المالية الجميع إلى حلبة صراع جديد لن يكون فيه رابح واحد.
حافظ الغريبي