

تعرض، هذا الاثنين كما هو معلوم، التركيبة الجديدة للحكومة على تصويت منح ثقة أعضاء مجلس نواب الشعب في جلسة عامة ينتظر خلالها أن يقدم رئيس الحكومة تقييمه لعمل حكومته الأولى وتصورا لبرنامج عمل حكومته الثانية.
وبغض النظر عن مآل التصويت المعروف مسبقا فإن المطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن ترتقي تدخلات النواب إلى مستوى النقد البنّاء بعيدا عن الشعبوية التي يحمى وطيسها كلما كان البث مباشرا بغاية كسب شعبية زائفة أو خلق البوز على صفحات الفايس بوك المدفوعة الأجر.
إن تونس التي تمر بظرف صعب ودقيق، تستعد لاستقبال سنة القرارات المؤلمة.. قرارات تأتي كنتاج حتميّ لـ تخميرة الثورة وللصراعات الإيديولوجية التي تلتها والتي كانت تونس إلى وقت غير بعيد في منأى عنها.. سنة تسديد الكثير من الفواتير الحارقة بدءا بتسديد ديون كبيرة انتهاء إلى وجوب مزيد تحريك عجلة التنمية التي تتطلب استثمارات تبدو اعتماداتها غير متوفرة.
وفي هذا الظرف الدقيق على نواب الشعب أن يتفهموا طبيعة المرحلة وان ينأوا بأنفسهم عن هتك أعراض بعض أعضاء الحكومة تحت غطاء الحصانة البرلمانية وأن يجنّبوا هذا الفريق الجديد الإرباك وهو يستعد لإعداد قانون المالية الذي لن يوفّر للحكومة هامشا كبيرا من المناورة.
نأمل أن يقترح كل نائب أو مجموعة نواب فكرة بنّاءة تساهم في إخراج البلاد من أتون الارتهان وتساهم في بناء مستقبل أفضل لشعب طمح إلى الحرية ونخشى أن يندم على خروجه للشارع مطالبا بها.. فتونس يجب أن تفك ارتباطها من ثنائية الفم الذي يتكلّم والبطن الخاوية أو البطن الملأى والفم المغلق.. واعتقادنا أن لا كسر لهذا الواقع المفروض إلا بالاعتدال في المطلبية بعقلنتها وفي التعبير عن المواقف باكسائها ثوب النقد البناء الرصين لان مصير أبناء هذا الشعب هو العيش في رقعة واحدة وفق شعار موحّد عنوانه حرية كرامة عدالة وعلينا أن نوفّق جميعا في ضبط المعادلة الدقيقة بين الحفاظ على الحرية وضمان الكرامة واستتباب العدالة.. والبداية تكون من مجلس نواب الشعب.
حافظ الغريبي