

يفتتح اليوم المؤتمر الرابع للنقابة الوطنية للصحفيين والسادس والعشرون للمهنة والثالث بعد ثورة 14 جانفي 2011 ، الثورة التي مكنت القطاع من ان يتنفس ملء رئتيه حرية .
وبغض النظر عن برامج المرشحين لإدارة شأن النقابة ومشاربهم وغاياتهم فان انعقاد المؤتمر يجب ان يكون فرصة لتطارح ، لا حال الصحفي فقط ومطالبه المادية ، بل وحال السلطة الرابعة التي كغيرها من السلط لا تزال تعاني من أدران ماضي الاستبداد وفوضى زمن الحريات .
واعتقادي ان الحديث عن مستقبل المهنة يجب ان ينطلق من واقعها المعيش في تقييم موضوعي يأخذ بعين الاعتبار ثالث نقاط أساسية
اولا ان نماء الصحافة وتوفير موارد رزق قارة ومجزية للصحفيين مرتبط ارتباطا عضويا بازدهار المؤسسة الصحفية وان حفظ حقوق الصحفيين وكرامتهم وتطوير منتجاتهم يستوجب حتما ان تكون توزنات المؤسسة الصحفية المالية إيجابية تؤهلها كي تكون مؤسسة قوية وصامدة في وجه الإغراءات مهما كان ماتاها ، غير ان واقع الحال يكشف وضعا مأسويا بأتم معنى الكلمة فباستثناء بعض المؤسسات الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية التي لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليدين تكشو البقية انخراما ماليا يهدد ديمومتها.
ثانيا ان بلوغ مستوى صحافة الجودة يستوجب الارتقاء بكل أدوات الانتاج البشري والتقني والتجاري والمالي وأهمها الصحفي الذي يستوجب ان يتحلى بالدقة والموضوعية ويمارس العمل الصحفي كمهنة لها مقوماتها بعيدا عن الشعارات الفضفاضة التي تخلط بين حرية التعبير كمكسب انساني حقوقي وبين واجب الإخبار تحت سقف القوانين ووفق اخلاقيات المهنة وتحت أنظار مجلس الصحافة كعمل مقابل اجر .
ثالثا وجوب الانتباه الى كل ما يهدد مستقبل المهنة وتجنب العودة الى المربع القديم الذي كان فيه الاعلام في خدمة السلطة وأمكن له بفضل ثورة الحرية الكرامة ان يتحول الى سلطة قادرة على إسقاط بقية السلط بإنارتها الرأي العام وعدم التواني في نشر الحقائق وكشف التجاوزات .. وان المحاولات التي تقوم بها عدة أطراف تحت مسميات عدة وبأشكال مختلفة تستوجب اليقظة من الجميع فالمال الفاسد يتربص والأطراف السياسية تغري وتهدد بغاية توجيه الرأي العام خدمة لأجندات معينة
ان الحفاظ على مكسب أساسي الا وهو حرية الصحافة الذي تحقق بعد الثورة يستوجب منا التفكير جديا صحافيين وارباب مؤسسات إعلامية في كيفية الحفاظ على ديمومة المؤسسة ونمائها وضبط خطة لتعميم صحافة الجودة ودعم مجلس الصحافة لينطلق في مهامه الرقابية والاستشارية والتوجيهية لتطهير الاعلام من أدران لا تزال عالقة به .
ان الاعلام الوطني اليوم في مفترق الطرق فإما ان يختار الطريق السالك او ان يدخل في مسالك وعرة ومتشعبة ستنتهي به حتما الى ما لا يحمد عقباه وتلك الطامة الكبرى .
حافظ الغريبي