

"سنتصدى للإعتصامات غير المشروعة ولن نسمح لفئة بإيقاف وحدة إنتاج أو مصنع" كانت هذه إحدى الجمل المفاتيح في خطاب رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد خلال جلسة منح الثقة للحكومة.. جملة شدّت عموم الناس وقرّبته لقلوبهم بعد أن ملّوا الاعتصامات وتعطيل الإنتاج ..
لكن لم تمر أيام قليلة حتى ظهر عجز رئيس الحكومة أمام حفنة من المعتصمين الذين عطلوا انتاج شركة بتروفاك بجزيرة قرقنة ودفعوها دفعا لاصدار قرار خطير بمغادرة البلاد بما يعنيه ذلك من كلفة تعويض باهظة ستسددها الدولة للمؤسسة وفق الاعراف الدولية الجاري بها العمل بعد ان فشلت حكومتان في تطبيق القانون .
لم تتعسف السلطة على المعتصمين ولم تخذلهم بل تفاوضت معهم وكانت لينة الى حدود عصرت فيها هيبة الدولة عصرا فكاد الطرف المقابل ان يقولوا لهم "بلّوا هيبتكم واشربوا ماءها " وسط ذهول عموم الناس بعد ان فتح "ضعفها" الباب واسعا امام من كانت تسوّل له نفسه السير على المنوال للضغط على حكومة عاجزة عمليا وقوية نظريا اذ لا أحد مخوّل له باستعمال القوة غيرها وهي التي تملك من الرجال والعتاد ما يسمح لها بفرض النظام بقوة القانون واعادة عجلة الاقتصاد الى الدوران مراعاة للمصلحة العامة دون اغفال لحق الناس في الشغل الكريم والبيئة السليمة .
ان تونس اليوم في حاجة الى من يعيد للدولة هيبتها وللقانون علويته ويفرض النظام ويبسط العدل.. وقد كان رئيس الحكومة أول من دعا في أول مصافحة له مع نواب الشعب كل التونسيين الى ضرورة ان " نقف لتونس ليعود الاقتصاد ويرجع الأمل للشباب بالجهات الداخلية " الذين هبّوا للكلمة مستبشرين بأن تونس ستدخل منعرجا جديدا سيبعدها عن شفا الحفرة التي تكاد تسقط فيها لكنّ ما حدث في قرقنة يدفعنا للاعتقاد انه قطع أول خطوة على درب ما سبقوه في مشوار نكث العهود .
حافظ الغريبي