

منذ الأيام الاولى لإعلان مبادرة تكوين حكومة وحدة وطنية بدأ سباق محموم للظفر بالحقائب الوزارية..
سباق حوّل وجهة الاهتمام من الأهداف الى الأشخاص بما يوحي بان ملامح شخصيات الحكومة القادمة لن تخرج عن دائرة الولاءات الضيقة والحسابات الشخصية.. فالسير الذاتية تعرض في المقاهي وفي بهو فنادق البحيرة وفي ممرات مقرات الأحزاب مستجدية منصبا.. وصناديق السيارات تشحن بالأسماك وبجراد البحر الطازج كتسبقة على الحساب .. والمآدب الفاخرة تنصب على شرف وسطاء مزعومين لدى الرئيس او ابنه او لدى الحاشية او لدى الأحزاب والمنظمات ، وبعض وسائل الاعلام تحوّلت لابواق دعاية للترويج والتزييف وللنفخ في صور شخصيات من الارشيف او لشبه كفاءات مغمورة.
ولئام السياسة من شعب المتطفلين والقوادة وناقلي اخبار هذا لذاك انتعشت عندهم سوق تجارة الوعود الزائفة وباتوا يعينون العشرات في منصب واحد ويقبضون من الجميع على الحساب.
والراصدون للمشهد ممن يصطلح على تسميتهم " الداخلون في الربح .. الخارجون من الخسارة" يتصلون بهذا وذاك بعد ان يعلموا باخبار عرضهم لأنفسهم في سوق " النخاسة الحكومية" ليبلغوهم دعمهم اللامشروط لهم املا في ان يحالف بعضهم الحظ فيعتقدون انهم اصحاب فضل عليهم على اعتبار انهم شاركوا في مفاوضات المبادرة فكانوا من صنّاع نجاحها!!!!
وبالتوازي تجد وزراء حكومة الصيد يبحثون لأنفسهم عمن يجدد الثقة فيهم ، ولا يتخلّفون عن طرح السؤال التقليدي لكل من يعترضهم " آش عندك جديد؟ " معلنين ولاءهم اللامشروط للرئيس في مشهد يذكرنا بالعهود الخوالي ، عهود كان فيها التسبيح باسمه يُردد صباحا مساء وحتى عندما يخلدون للنوم.
وكبار مسؤولي الدولة والقيادات الأمنية يفكرون في مصائرهم بعد رحيل الحكومة ، تفكير شلّ بعضهم حتى عن اتخاذ القرارات او الحسم في الملفات
تلك هي الحال منذ اول رمضان بما يوحي ان القادم بنفس المنظومة القديمة لن يولِّد غير فشل جديد ينضاف لسلسلة الفشل السابقة .. صحيح ان تونس أضحت بلدا ديمقراطيا لكن وكما قال الباجي قايد السبسي " ديمقراطية صبيانية " وازيد بالقول انها بإخراج سيّء جدا.
حافظ الغريبي