

تمر اليوم سنة عن ارتكاب جريمة باردو الشنعاء الذي ذهب ضحيتها سياح اجانب ابرياء واحد أبناء تونس البررة .. سياح لا ذنب لهم غير انهم وثقوا في ان تونس عاشت ثورة وارتقت بفضلها الى مصاف الدول الديمقراطية التي تولي اهتماما خاصا للذات البشرية وتحترم حقوق الانسان .
حقوق بفضلها رأى من كانوا في غياهب السجون بتهم إرهابية النور وتنفسوا الحرية ملئ الرئتين فتحركوا تحت غطاء العهد الدولي لحقوق الإنسان ونشطوا باسمه ونظموا الخيمات الدعوية واحتلوا المنابر الإعلامية وروجوا باسم الثورة أفكارهم المتطرفة وخططوا لقلب نظام الحكم وبدؤوا في تنفيذ مخططاتهم .
حقوق بـ"فضلها" أضحى الحاكم يخشى المحكوم ويقرأ ألف حساب إلى أن عطلت كثرة الحسابات عقله عن التفكير وجمدت يده عن التسيير .. حقوق بـ"فضلها" أضحى للأقلية مهما قلّ عددها صوت يعلو على صوت الأغلبية ، فتحوّلت إلى صانع قرار من ساحات البلاد ومن بلاتوهات القنوات التلفزية دون ان تتحمل المسؤولية .
حقوق أضحت بـ"فضلها" عصا البوليس تضرب الحكومة في عقر دارها بساحة القصبة وبفضل ذات الحقوق يدعا من رفع ذات العصا للتفاوض ويقرا له ألف حساب .. حقوق بـ»فضلها» أضحى العامل يطالب ولا يحاسب والعرف يسدد ولا يطلب مقابلا ...حقوق بـ"فضلها" أهملنا قيم العمل وتدحرجت نسبة النمو إلى الصفر.
إنها الثورة عندما "تأكل" أبناءها الشرعيين على يد غير الشرعيين من الراكبين عليها.. انها الثورة التي حرّفوها عن مسارها في فهم خاطئ للحقوق وإهمال سافر للواجبات فضاعت في ثنايا الحد الفاصل بين الحق والواجب وبين البناء والتهديم ..واختلطت الأمور في الأذهان فأضحى الإرهاب امتدادا لممارسة الحرية وتحوّل غلق الطرقات والاعتصامات والإضرابات الوحشية والمطلبية المجحفة حق البعض على الثورة ..
والنتيجة ان غرقت البلاد بعد إن اهترأت الطبقة السياسية بالكامل وفقد الناس الثقة في الأحزاب ، واليوم ، وفي مثل هذه المناسبة الاليمة ، إنها الثورة وعلى لسان الأبرياء الذين حموها او جاؤوا من أقاصي الدنيا لينعموا بفضائلها فسالت دماؤهم من اجلها او بسبب انحرافاتها خلال الخمس سنوات من عمرها تدعو الجميع لإنقاذ ما تبقى منها وإصلاح المسار قبل ان يحل الدمار ..فهل من مستجيب؟
حافظ الغريبي