

مرّ اكثر من شهرين عن حصول الرباعي الراعي للحوار على جائزة نوبل للسلام طاف خلالها عديد دول العالم وشارك في عديد التظاهرات الدولية ذات الصيت الذائع والقدرة على صنع القرار.
ولم يكن من الهين ان تحظى تونس بارقى تكريم دولي لن يتكرر لها - على الاقل على المدى القريب - .. تكريم يثمّنه الحاصل عليه بشتى الوسائل ، ويكفي هنا الاشارة الى ما يناله عدد منهم من مئات الالاف من الدولارات عند كل محاضرة يلقونها ، فماذا جنى الرباعي وماذا زرع لتونس وماذا حصدت ؟
سؤال يفترض طرحه وتونس على حالها من صور متناقضة في المخيال العالمي، صور تجمع بين استثناء عربي وحيد اختار نهج الديمقراطية واكبر مصدّر للارهابيين .. بين نجاح استثنائي في التوافق وخلاف حاد حول عشرة دنانير زيادة في الاجور .. بين احد اكبر الوجهات السياحية جنوب المتوسط والفشل الذريع في حماية ملايين الوافدين عليها .. بين اعلى نسبة تمدرس وارفع نسبة خريجي جامعة وفقر مدقع وبطالة خانقة .. بين دفء على بعد ساعة طيران من شتاء اوروبا وحرارة توتر اجتماعي يشل تارة النقل وطورا خدمات اخرى ..
لقد طغت هذه الصور المتناقضة ومثلها كثير على صور النجاحات الصرفة لتونس في شتى المجالات الانسانية والعلمية والسياسية والتشريعية والاقتصادية كمثال يستوجب التسويق له والتنويه به دوليا في ظل تقصير واضح من اجهزة الدولة في تثمين تلك النجاحات وفق استراتجية مدروسة تعمل على اتقان التمترس خلفها والتسويق بواسطتها .
لقد كان بالامكان ان تحمل احدى طائرات الخطوط التونسية شعار نوبل للسلام وان تكون الطائرة الخاصة لتنقلات الرباعي وأن تضم فريقا مختصا من الدبلوماسيين المخصرمين الذين اثبتوا كفاءة عالية ..دبلوماسيون عارفون جيدا بالشأن الدولي وبالواقع التونسي ، فريق يعبّد الطريق للنفاذ لأصحاب القرار الدولي .. وان تضم رجال اقتصاد ومال واعمال متمرسين يحملون في حقائبهم مشاريع جاهزة ..وان تضم كذلك رجال علم حققوا انجازات علمية باهرة ويرافق الجميع مسوّقون جيدون للسياحة .. مجموعة متكاملة يتقن جميع افرادها القدرة على اقناع من يطرح ومن لا يطرح سؤال لماذا عليكم ان تختاروا تونس للسياحة والاستثمار والاستقرار.
فتركيبة الرباعي الفائز بجائزة نوبل الجامعة بين المدافعين عن حقوق العمال ورجال الاعمال والمدافعين عن حقوق الانسان الكونية والمدنية تعتبر اكثر من مقنعة دوليا والاكثر قدرة على زرع الطمانينة في نفوس المتخوفين وبالتالي تعبيد كل الطرق الوعرة للحكومة كي تحصد ما زرعوا وتنهض بالبلاد اذا ما سخرت لتحركاتهم كل الوسائل المطلوبة لاستثمار نجاح استثنائي لن يتكرر بسهولة .
لقد فشلت القيادة الجديدة رئيسا وحكومة في استثمار النجاح الباهر الذي تحقق لتونس بدخولها نادي الدول الديمقراطية بانتخابات حرة ونزيهة في سنة 2014 الى ان تناسانا العالم بعد ان تاخروا في التحرك دوليا ، واليوم تتجدد الفرصة خلال نفس السنة تقريبا ولا من مبادر لذلك لذلك فاعتقادنا ان الجائزة القادمة ستكون تحت عنوان « نوبل للتفنن في اهدار الفرص "
حافظ الغريبي