إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

البنوك التونسيّة تجني الأرباح وتتخلّى عن دورها الاقتصادي والاجتماعي

إذا قارنّا نوعية الخدمات التي تقدّمها البنوك وحجم الاقتطاعات المالية والفوائض في إسناد القروض سنجدها من الأعلى في العالم

لا خلاف في طريقة المعاملة المهينة للمواطنين من طرف البنوك والمؤسّسات الماليّة كما لا خلاف حول ازدواجيّة المعايير في التعاطي مع المواطنين حسب نوعيّة أرصدتهم وإمكاناتهم المالية وعلاقاتهم ونفوذهم ولكن أن تتحوّل البنوك إلى عنصر تعطيل بأتمّ معنى الكلمة لحركة الاستثمار والديناميكية الاقتصاديًة فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه أو الخضوع له لأنّه يمثّل معارضة صارخة وصريحة للسياسات العامّة للدّولة ومحاولة لإرباك الوضع لغايات سياسية .

أرصدة يفترض أنّها مجمّدة بعد مدّة مضبوطة تبقى مفتوحة ليتمّ توظيف فوائض مشطّة عليها وتصبح ديونا ضخمة في خرق واضح للقانون وتواطؤ من البنك المركزي على هذه الخروقات واقتطاع على خدمات لا وجود لها مثل التأمين علما وأنّ التأمين الفعلي عند الحصول على قروض يشترط أن يتمّ لدى شركات التأمين وتقارير مالية مغلوطة تقدّم للبنك المركزي للانتفاع بالامتيازات المسندة مع مطالبة الدائنين بآداء ديونهم فيما يشبه استخلاص الدّين مرتين .

خدمات رديئة توظًف عليها آداءات ضخمة ونسب فائدة مرتفعة في استغلال واضح لحاجة الحرفاء للسيولة بما يشبه الابتزاز المقنّن ومعارضة واضحة لسياسات البنك المركزي والتي من المفترض أنّها المؤتمن على مصالح الدّولة ومواطنيها وتعسًف في تطبيق القانون وانحراف في تطبيقه وكأنّنا بالمؤسّسات المالية مؤسًسات عقابية بما يجعلنا ضحايا فرادى وجماعات .

يحصل أو غالبا ما يحصل أن نقوم بخلاص ديوننا بعد الآجال وهذا إمر عادي في حياة الأفراد والدّول وهو مرتبط بالوضع العام وفي هذه الحالة تقوم البنوك باستخلاص خطايا التأخير وتحدّد قيمة ذلك كما يحلو لها وهذا ما تعوّدنا عليه منذ عقود لكن أن تستغلّ البنوك ذلك وتتعسّف في استعماله فهذا أمر خطير من ذلك أنّه حينما تكون لك ديون متخلّدة وتحاول أن تستثمر لتفي بإلتزاماتك وتكون لدى البنك كافّة الضمانات لاستخلاص ديونها السابقة أو اللاحقة فإنّها تصدّك بدعوى أن ملفّك لا يسمح لك بذلك بدعوى أنّ ذلك يخالف النظام الذي يفرضه البنك المركزي وهذا مغالطة وتلاعب بالمواطنين وبمصالحهم لأنّ تجميع المعلومات عن الأفراد والشركات لدى البنك المركزي ورقمنة الوضعيات البنكيّة في نظام يربط البنوك بالبنك المركزي لا يعني أنًها تتدخًل في إسناد القروض من عدمه بل هيّ حجّة تعتمدها البنوك للتخلّص من الحرفاء ممّن لا يتمتّعون بامتيازات خاصّة وهذه الوضعيّة الجارية والمعطّلة تهمّ عشرات آلاف الحرفاء الذين تفرًق دمهم بين هذه البنوك .

ذكرت كلّ هذا ليعلم القائمون على الدّولة ما يحصل على أرض الواقع وكيف يتمّ العبث بقوت الناس وبمصالحهم في حين تسند الامتيازات الخاصّة لفئة معيّنة وهي في الغالب تتمّ بما يخرج عن القوانين وسياسات الدّولة كما ثبت ذلك في زيارة رئيس الجمهوريّة للبنك الفلاحي وما يخفى يكون دائما أعظم.

بعيدا عن كلّ ذلك إذا قارنّا نوعية الخدمات التي تقدّمها البنوك وحجم الاقتطاع على هذه العمليّات المالية المقدّمة والفوائض في إسناد القروض سنجدها من الأعلى في العالم والحال أنّ فترة دراسة ملفّات القروض الشخصية تصل إلى أسابيع والحال أنّها لا تتطلّب أكثر من ساعات إذا ما أخذنا بعين الاعتبار شروطها وطرق إسنادها أما عن القروض الاستثماريّة فقد تصل مدّة إسنادها إلى شهور أو سنوات أحيانا في حال توفّر الضمانات العينيّة …

الآن يمكن القول أنّ المؤسّسات المالية هيّ المسؤول الأوّل عن الوضعيّة الاقتصاديّة وما وصلت إليه الأوضاع ذلك أنّها تقوم بتعطيل الاستثمار مما يوقف الديناميكية الاقتصادية ويعيق توفير مواطن الشغل لطالبيه وهم كثر ولا يمكن الخروج من هذه الوضعيّة إلاّ بتدخّل قويّ وعاجل من طرف الدّولة لإعادة هذه المؤسًسات لوظيفتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة بعد أن انحرفت عن مسارها وأخلًت بالتزاماتها تجاه المواطنين والدّولة على حدً سواء.

ختاما ممّا لا شكّ فيه أنّ مكافحة الفساد في القطاع البنكي تتطلًب فهما عميقا لميكانيزمات خفيّة وصفقات مشبوهة غير مرئيّة ولا يمكن إثباتها بسهولة وهذه العمليّة تهدف إلى تأمين أصحاب الثروات الطائلة وتوفير ما يكفيهم من السيولة على حساب عموم المواطنين ومن هنا تبدأ المعاملات المهينة والتسويف والمماطلة والتلاعب بالقوانين وتوازيا مع ذلك تسند عشرات المليارات دون ضمانات ومن خلال تقديم دراسات وهميّة لمشاريع وهمية وتضخيم حجم الاستثمار …

بنوك أجنبيّة ومؤسّسات ماليّة ترتع في البلاد ولا حسيب ولا رقيب والحال أنّ مفهوم السيادة الوطنيًة الذي بني عليه مسار 25 جويلية يتطلًب يقظة وآداء سياسي وتحمّل للمسؤوليات من قبل سلط الإشراف والوزارات المعنيًة لأنّ الاستعمار الجديد يتمّ دون جيوش ولا طائرات ودبًابات هي حرب اقتصادية ومالية بامتياز …

سليم العڤربي

رئيس جمعية موطن الياسمين

 

 

 

 

البنوك التونسيّة تجني الأرباح وتتخلّى عن دورها الاقتصادي والاجتماعي

إذا قارنّا نوعية الخدمات التي تقدّمها البنوك وحجم الاقتطاعات المالية والفوائض في إسناد القروض سنجدها من الأعلى في العالم

لا خلاف في طريقة المعاملة المهينة للمواطنين من طرف البنوك والمؤسّسات الماليّة كما لا خلاف حول ازدواجيّة المعايير في التعاطي مع المواطنين حسب نوعيّة أرصدتهم وإمكاناتهم المالية وعلاقاتهم ونفوذهم ولكن أن تتحوّل البنوك إلى عنصر تعطيل بأتمّ معنى الكلمة لحركة الاستثمار والديناميكية الاقتصاديًة فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه أو الخضوع له لأنّه يمثّل معارضة صارخة وصريحة للسياسات العامّة للدّولة ومحاولة لإرباك الوضع لغايات سياسية .

أرصدة يفترض أنّها مجمّدة بعد مدّة مضبوطة تبقى مفتوحة ليتمّ توظيف فوائض مشطّة عليها وتصبح ديونا ضخمة في خرق واضح للقانون وتواطؤ من البنك المركزي على هذه الخروقات واقتطاع على خدمات لا وجود لها مثل التأمين علما وأنّ التأمين الفعلي عند الحصول على قروض يشترط أن يتمّ لدى شركات التأمين وتقارير مالية مغلوطة تقدّم للبنك المركزي للانتفاع بالامتيازات المسندة مع مطالبة الدائنين بآداء ديونهم فيما يشبه استخلاص الدّين مرتين .

خدمات رديئة توظًف عليها آداءات ضخمة ونسب فائدة مرتفعة في استغلال واضح لحاجة الحرفاء للسيولة بما يشبه الابتزاز المقنّن ومعارضة واضحة لسياسات البنك المركزي والتي من المفترض أنّها المؤتمن على مصالح الدّولة ومواطنيها وتعسًف في تطبيق القانون وانحراف في تطبيقه وكأنّنا بالمؤسّسات المالية مؤسًسات عقابية بما يجعلنا ضحايا فرادى وجماعات .

يحصل أو غالبا ما يحصل أن نقوم بخلاص ديوننا بعد الآجال وهذا إمر عادي في حياة الأفراد والدّول وهو مرتبط بالوضع العام وفي هذه الحالة تقوم البنوك باستخلاص خطايا التأخير وتحدّد قيمة ذلك كما يحلو لها وهذا ما تعوّدنا عليه منذ عقود لكن أن تستغلّ البنوك ذلك وتتعسّف في استعماله فهذا أمر خطير من ذلك أنّه حينما تكون لك ديون متخلّدة وتحاول أن تستثمر لتفي بإلتزاماتك وتكون لدى البنك كافّة الضمانات لاستخلاص ديونها السابقة أو اللاحقة فإنّها تصدّك بدعوى أن ملفّك لا يسمح لك بذلك بدعوى أنّ ذلك يخالف النظام الذي يفرضه البنك المركزي وهذا مغالطة وتلاعب بالمواطنين وبمصالحهم لأنّ تجميع المعلومات عن الأفراد والشركات لدى البنك المركزي ورقمنة الوضعيات البنكيّة في نظام يربط البنوك بالبنك المركزي لا يعني أنًها تتدخًل في إسناد القروض من عدمه بل هيّ حجّة تعتمدها البنوك للتخلّص من الحرفاء ممّن لا يتمتّعون بامتيازات خاصّة وهذه الوضعيّة الجارية والمعطّلة تهمّ عشرات آلاف الحرفاء الذين تفرًق دمهم بين هذه البنوك .

ذكرت كلّ هذا ليعلم القائمون على الدّولة ما يحصل على أرض الواقع وكيف يتمّ العبث بقوت الناس وبمصالحهم في حين تسند الامتيازات الخاصّة لفئة معيّنة وهي في الغالب تتمّ بما يخرج عن القوانين وسياسات الدّولة كما ثبت ذلك في زيارة رئيس الجمهوريّة للبنك الفلاحي وما يخفى يكون دائما أعظم.

بعيدا عن كلّ ذلك إذا قارنّا نوعية الخدمات التي تقدّمها البنوك وحجم الاقتطاع على هذه العمليّات المالية المقدّمة والفوائض في إسناد القروض سنجدها من الأعلى في العالم والحال أنّ فترة دراسة ملفّات القروض الشخصية تصل إلى أسابيع والحال أنّها لا تتطلّب أكثر من ساعات إذا ما أخذنا بعين الاعتبار شروطها وطرق إسنادها أما عن القروض الاستثماريّة فقد تصل مدّة إسنادها إلى شهور أو سنوات أحيانا في حال توفّر الضمانات العينيّة …

الآن يمكن القول أنّ المؤسّسات المالية هيّ المسؤول الأوّل عن الوضعيّة الاقتصاديّة وما وصلت إليه الأوضاع ذلك أنّها تقوم بتعطيل الاستثمار مما يوقف الديناميكية الاقتصادية ويعيق توفير مواطن الشغل لطالبيه وهم كثر ولا يمكن الخروج من هذه الوضعيّة إلاّ بتدخّل قويّ وعاجل من طرف الدّولة لإعادة هذه المؤسًسات لوظيفتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة بعد أن انحرفت عن مسارها وأخلًت بالتزاماتها تجاه المواطنين والدّولة على حدً سواء.

ختاما ممّا لا شكّ فيه أنّ مكافحة الفساد في القطاع البنكي تتطلًب فهما عميقا لميكانيزمات خفيّة وصفقات مشبوهة غير مرئيّة ولا يمكن إثباتها بسهولة وهذه العمليّة تهدف إلى تأمين أصحاب الثروات الطائلة وتوفير ما يكفيهم من السيولة على حساب عموم المواطنين ومن هنا تبدأ المعاملات المهينة والتسويف والمماطلة والتلاعب بالقوانين وتوازيا مع ذلك تسند عشرات المليارات دون ضمانات ومن خلال تقديم دراسات وهميّة لمشاريع وهمية وتضخيم حجم الاستثمار …

بنوك أجنبيّة ومؤسّسات ماليّة ترتع في البلاد ولا حسيب ولا رقيب والحال أنّ مفهوم السيادة الوطنيًة الذي بني عليه مسار 25 جويلية يتطلًب يقظة وآداء سياسي وتحمّل للمسؤوليات من قبل سلط الإشراف والوزارات المعنيًة لأنّ الاستعمار الجديد يتمّ دون جيوش ولا طائرات ودبًابات هي حرب اقتصادية ومالية بامتياز …

سليم العڤربي

رئيس جمعية موطن الياسمين

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews