إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد مقاطعة بعضها للمحطات السابقة.. هياكل المجتمع المدني مجدداعلى خط "الرئاسية"

 

يوسف عبيد باحث في القانون العام لـ"الصباح": لهذا الدور الرقابي للمجتمع المدني للرئاسية ضروري

 

تونس – الصباح

 

بعد الهبة السياسية في التفاعل مع الانتخابات الرئاسية تعبيرا إما عن الاستعداد للترشح أو الترشيح أو المقاطعة سواء في مستوى الأفراد أو الأحزاب والحركات والجبهات، دخلت هياكل المجتمع المدني لاسيما منها المنظمات وغيرها من الهياكل التي تعنى بالمراقبة والانخراط في مثل هذه الاستحقاقات بأي شكل كان، على خط الانخراط في المحطة الثالثة للانتخابات الرئاسية في تاريخ تونس ما بعد ثورة 2011، والرابعة في مسار تونس ما بعد 25 جويلية 2021 خاصة بالنسبة لبعض منظمات المجتمع المدني التي كانت قد أعلنت عن مقاطعة المحطات الانتخابية التي انتظمت في إطار المسار الاستثنائي لتونس الأخيرة أو تلك التي اختارت الاصطفاف وراء المعارضة واتخاذ مواقف سياسية رافضة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية وقراراته وتبني الموقف الداعي إلى مقاطعة المحطات الانتخابية التي انتظمت في إطار نفس المسار بما في ذلك الاستفتاء على الدستور.

 

لكن يبدو أن بعض هذه المنظمات والهياكل المدنية التي اختارت المقاطعة سابقا بدأت تعد العدة للعودة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة كجهات مراقبة. ومن المنتظر أن تسجل هذه المحطة الجديدة دخول عدة منظمات وهياكل رقابية إلى ميدان العمل والنشاط إبان استيفاء الشروط القانونية والعملية والإعلان رسميا على روزنامة الانتخابات الرئاسية القادمة التي سبق أن أكدت عدة جهات رسمية ومعنية أي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أنها ستكون خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2024.

 

ويذكر أن نافع الحجّي، رئيس "جمعية مراقبون"، كان قد أعلن مؤخرا أن الجمعية ستُراقب الانتخابات الرئاسية القادمة وستقوم بدورها كما قامت به في المحطات الانتخابية السابقة. وهو تقريبا ما أكدته تركية الشابي رئيسة جمعية الناخبات التونسيات لـ"الصباح"، موضحة أن جمعيتها تولت مهاما مختلفة في المحطات الانتخابية السابقة توزعت بين تكوين وتأطير مترشحات للانتخابات ومساعدة البعض الآخر في القيام بالحملات الانتخابية أو المشاركة في مراقبة الانتخابات.

 

 شروط قانونية وعملية

 

في حديثه لـ"الصباح"، عن مشاركة المجتمع المدني في الانتخابات الرئاسية القادمة، قال يوسف عبيد، الباحث في القانون العام والأكاديمي بالجامعة التونسية: "قبل الخوض في مشاركة المجتمع المدني أعتقد أن هناك شروطا قانونية وأخرى عملية يجب أن تتوفر وتتضح الرؤية حولها لنتمكن من تجاوز الضبابية والغموض وما يمكن أن ينجر عن ذلك من تأويلات وجدل، وهي أن تقوم كل جهة بدورها الدستوري والقانوني والعملي. وتكون البداية بتحديد تاريخ الانتخابات وصدور أمر الدعوة إلى الانتخابات وهو من مهام رئيس الجمهورية، لتنطلق بعد ذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في القيام بدورها وذلك بضبط الروزنامة لأنه قانونيا ليس للهيئة دور في تحديد الموعد".

 

واعتبر يوسف عبيد أن هناك خطوة عملية أخرى فسرها بقوله: "عمليا هناك تشاور في الغرض يتم بين الجهات المعنية قانونيا بهذه الانتخابات أي رئاسة الجمهورية من ناحية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات من ناحية ثانية على غرار ما حدث في ثلاث مناسبات في العشرية الماضية في الانتخابات 2014 و2018 الخاصة بالبلدية و2019 ولا أعلم هل هناك تنسيق بين الرئاسة والهيئة في تحديد التاريخ لكن الثابت هو أن رئيس الجمهورية هو من له صلاحية ذلك".

 

في جانب آخر من حديثه أكد محدثنا أن ما يميز المراحل الانتخابية الأخيرة أنها جاءت في إطار سياسي خاص، وأضاف: "عرفت بلادنا في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021 تخمة انتخابية في ظرف زمني قصير لم يكن الجميع متعود على ذلك خاصة أنها جاءت كلها في إطار سياسي خاص. لذلك تباينت مواقف المجتمع المدني خاصة منها تلك التي دأبت على المشاركة في الانتخابات وكان لها دور في إنجاح المحطات الانتخابية التي عاشتها بلادنا ما بعد ثورة 2011".

 

واعتبر منظمات وجمعيات مثل "مراقبون" التي سبق أن كان ينشط ضمنها أو "عتيد" و"بوصلة" و"أنا يقظ" و"شباب بلا حدود"، وغيرها أصبحت لها تقاليد ودراية بالمراقبة والنشاط المدني في السياق الانتخابي أو التشريعي أو الرسمي. موضحا: "أعتقد أن "مراقبون" لها من العراقة والتمكن ما أهلها لتكون تقديراتها في مراقبة الانتخابات أقرب للصحة مما تقدمه هيئة الانتخابات، لذلك من الضروري أن تكون مشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة وغيرها من المحطات الانتخابية لأن العمل المدني الرقابي هو دورها الأساسي".

 

صلاحيات مشجعة

 

وأوضح الباحث في القانون العام في نفس الإطار أنه من خلال دوره كناشط مدني أيضا ومستشار لدى عدة منظمات وجمعيات مدنية، فإن الانتخابات الرئاسية القادمة ستسجل مشاركة جل المنظمات والجمعيات الناشطة في تونس على اختلاف توجهاتها وذلك ليقين القائمين عليها جميعا بأهمية تلك الاستحقاقات. لأنه يعتبر ما تضمنه دستور 2022 من صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية من العوامل التي تجعل أعين الجميع مركزة على هذه المحطة الانتخابية. وأضاف قائلا:"مثلما تعد الصلاحيات الواسعة التي منحها دستور تونس الجديد لرئيس الجمهورية تعد مشجعة للطبقة السياسية للإقبال عل الترشح لهذا المنصب، فإن نفس العامل يدفع المجتمع المدني لتوجيه مهامه وأدواره لمراقبة المحطة الانتخابية القادمة في كل مراحلها خاصة أنها تأتي في ظروف استثنائية وفي مناخ سياسي خاص وشروط انتخابية جديدة لم يتم بعد الإعلان عنها ولكن أشار لها الدستور الجديد.. ".

 

كما أضاف محدثنا:"لا تزال رئاسة الجمهورية مؤثرة في السلوك الانتخابي لدى التونسي لذلك أعتقد أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية ستكون مرتفعة مقارنة بما سجلته من مشاركة ضعيفة في الانتخابات التشريعية والمحلية الخاصة بالجهات والأقاليم حيث كانت في حدود 11% في حين أن الاستفتاء على الدستور سجل مشاركة 30% لأن الاستفتاء في نظر البعض لم يكن على مضامين الدستور وإنما حول سياسة وخيارات قيس سعيد".

 

لذلك يعتبر أن الانتخابات القادمة ستجرى في ظرف سياسي غير مألوف، معتبرا أن السياق العام له خصوصيته في ظل دور ضعيف للأحزاب والطبقة السياسية مقابل مركزية السلطة في يد رئيس الجمهورية فضلا عن الرهانات المتعددة في إطار مشروع سياسي جديد بما يتضمنه من مؤسسة تشريعية بغرفتين وتوجه لتكريس جمهورية جديدة، على اعتبار أن كل ذلك من شأنه أن يؤثر على مسار الانتخابات والخيارات بشكل عام. لذلك يرى أن دور المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة ضروري.

 

نزيهة الغضباني

 

 

بعد مقاطعة بعضها للمحطات السابقة.. هياكل المجتمع المدني مجدداعلى خط "الرئاسية"

 

يوسف عبيد باحث في القانون العام لـ"الصباح": لهذا الدور الرقابي للمجتمع المدني للرئاسية ضروري

 

تونس – الصباح

 

بعد الهبة السياسية في التفاعل مع الانتخابات الرئاسية تعبيرا إما عن الاستعداد للترشح أو الترشيح أو المقاطعة سواء في مستوى الأفراد أو الأحزاب والحركات والجبهات، دخلت هياكل المجتمع المدني لاسيما منها المنظمات وغيرها من الهياكل التي تعنى بالمراقبة والانخراط في مثل هذه الاستحقاقات بأي شكل كان، على خط الانخراط في المحطة الثالثة للانتخابات الرئاسية في تاريخ تونس ما بعد ثورة 2011، والرابعة في مسار تونس ما بعد 25 جويلية 2021 خاصة بالنسبة لبعض منظمات المجتمع المدني التي كانت قد أعلنت عن مقاطعة المحطات الانتخابية التي انتظمت في إطار المسار الاستثنائي لتونس الأخيرة أو تلك التي اختارت الاصطفاف وراء المعارضة واتخاذ مواقف سياسية رافضة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية وقراراته وتبني الموقف الداعي إلى مقاطعة المحطات الانتخابية التي انتظمت في إطار نفس المسار بما في ذلك الاستفتاء على الدستور.

 

لكن يبدو أن بعض هذه المنظمات والهياكل المدنية التي اختارت المقاطعة سابقا بدأت تعد العدة للعودة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة كجهات مراقبة. ومن المنتظر أن تسجل هذه المحطة الجديدة دخول عدة منظمات وهياكل رقابية إلى ميدان العمل والنشاط إبان استيفاء الشروط القانونية والعملية والإعلان رسميا على روزنامة الانتخابات الرئاسية القادمة التي سبق أن أكدت عدة جهات رسمية ومعنية أي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أنها ستكون خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2024.

 

ويذكر أن نافع الحجّي، رئيس "جمعية مراقبون"، كان قد أعلن مؤخرا أن الجمعية ستُراقب الانتخابات الرئاسية القادمة وستقوم بدورها كما قامت به في المحطات الانتخابية السابقة. وهو تقريبا ما أكدته تركية الشابي رئيسة جمعية الناخبات التونسيات لـ"الصباح"، موضحة أن جمعيتها تولت مهاما مختلفة في المحطات الانتخابية السابقة توزعت بين تكوين وتأطير مترشحات للانتخابات ومساعدة البعض الآخر في القيام بالحملات الانتخابية أو المشاركة في مراقبة الانتخابات.

 

 شروط قانونية وعملية

 

في حديثه لـ"الصباح"، عن مشاركة المجتمع المدني في الانتخابات الرئاسية القادمة، قال يوسف عبيد، الباحث في القانون العام والأكاديمي بالجامعة التونسية: "قبل الخوض في مشاركة المجتمع المدني أعتقد أن هناك شروطا قانونية وأخرى عملية يجب أن تتوفر وتتضح الرؤية حولها لنتمكن من تجاوز الضبابية والغموض وما يمكن أن ينجر عن ذلك من تأويلات وجدل، وهي أن تقوم كل جهة بدورها الدستوري والقانوني والعملي. وتكون البداية بتحديد تاريخ الانتخابات وصدور أمر الدعوة إلى الانتخابات وهو من مهام رئيس الجمهورية، لتنطلق بعد ذلك الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في القيام بدورها وذلك بضبط الروزنامة لأنه قانونيا ليس للهيئة دور في تحديد الموعد".

 

واعتبر يوسف عبيد أن هناك خطوة عملية أخرى فسرها بقوله: "عمليا هناك تشاور في الغرض يتم بين الجهات المعنية قانونيا بهذه الانتخابات أي رئاسة الجمهورية من ناحية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات من ناحية ثانية على غرار ما حدث في ثلاث مناسبات في العشرية الماضية في الانتخابات 2014 و2018 الخاصة بالبلدية و2019 ولا أعلم هل هناك تنسيق بين الرئاسة والهيئة في تحديد التاريخ لكن الثابت هو أن رئيس الجمهورية هو من له صلاحية ذلك".

 

في جانب آخر من حديثه أكد محدثنا أن ما يميز المراحل الانتخابية الأخيرة أنها جاءت في إطار سياسي خاص، وأضاف: "عرفت بلادنا في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021 تخمة انتخابية في ظرف زمني قصير لم يكن الجميع متعود على ذلك خاصة أنها جاءت كلها في إطار سياسي خاص. لذلك تباينت مواقف المجتمع المدني خاصة منها تلك التي دأبت على المشاركة في الانتخابات وكان لها دور في إنجاح المحطات الانتخابية التي عاشتها بلادنا ما بعد ثورة 2011".

 

واعتبر منظمات وجمعيات مثل "مراقبون" التي سبق أن كان ينشط ضمنها أو "عتيد" و"بوصلة" و"أنا يقظ" و"شباب بلا حدود"، وغيرها أصبحت لها تقاليد ودراية بالمراقبة والنشاط المدني في السياق الانتخابي أو التشريعي أو الرسمي. موضحا: "أعتقد أن "مراقبون" لها من العراقة والتمكن ما أهلها لتكون تقديراتها في مراقبة الانتخابات أقرب للصحة مما تقدمه هيئة الانتخابات، لذلك من الضروري أن تكون مشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة وغيرها من المحطات الانتخابية لأن العمل المدني الرقابي هو دورها الأساسي".

 

صلاحيات مشجعة

 

وأوضح الباحث في القانون العام في نفس الإطار أنه من خلال دوره كناشط مدني أيضا ومستشار لدى عدة منظمات وجمعيات مدنية، فإن الانتخابات الرئاسية القادمة ستسجل مشاركة جل المنظمات والجمعيات الناشطة في تونس على اختلاف توجهاتها وذلك ليقين القائمين عليها جميعا بأهمية تلك الاستحقاقات. لأنه يعتبر ما تضمنه دستور 2022 من صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية من العوامل التي تجعل أعين الجميع مركزة على هذه المحطة الانتخابية. وأضاف قائلا:"مثلما تعد الصلاحيات الواسعة التي منحها دستور تونس الجديد لرئيس الجمهورية تعد مشجعة للطبقة السياسية للإقبال عل الترشح لهذا المنصب، فإن نفس العامل يدفع المجتمع المدني لتوجيه مهامه وأدواره لمراقبة المحطة الانتخابية القادمة في كل مراحلها خاصة أنها تأتي في ظروف استثنائية وفي مناخ سياسي خاص وشروط انتخابية جديدة لم يتم بعد الإعلان عنها ولكن أشار لها الدستور الجديد.. ".

 

كما أضاف محدثنا:"لا تزال رئاسة الجمهورية مؤثرة في السلوك الانتخابي لدى التونسي لذلك أعتقد أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية ستكون مرتفعة مقارنة بما سجلته من مشاركة ضعيفة في الانتخابات التشريعية والمحلية الخاصة بالجهات والأقاليم حيث كانت في حدود 11% في حين أن الاستفتاء على الدستور سجل مشاركة 30% لأن الاستفتاء في نظر البعض لم يكن على مضامين الدستور وإنما حول سياسة وخيارات قيس سعيد".

 

لذلك يعتبر أن الانتخابات القادمة ستجرى في ظرف سياسي غير مألوف، معتبرا أن السياق العام له خصوصيته في ظل دور ضعيف للأحزاب والطبقة السياسية مقابل مركزية السلطة في يد رئيس الجمهورية فضلا عن الرهانات المتعددة في إطار مشروع سياسي جديد بما يتضمنه من مؤسسة تشريعية بغرفتين وتوجه لتكريس جمهورية جديدة، على اعتبار أن كل ذلك من شأنه أن يؤثر على مسار الانتخابات والخيارات بشكل عام. لذلك يرى أن دور المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات الرئاسية القادمة ضروري.

 

نزيهة الغضباني

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews