إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

شبكات التواصل الاجتماعي.. "حياة بديلة" عند التونسي!

- أكثر 62% من سكان العالم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي.. بمعدل متوسط قدره 8.4 مستخدم جديد في كل ثانية

• أستاذ علم الاجتماع سامي بن نصر لـ"الصباح": "خصوصية شبكات التواصل الاجتماعي تتمثّل في أخذ الواقع الحالي وإعادة صياغته وفق قوة الجذب للأشياء التي يرُيد الأشخاص رؤيتها"

تونس – الصباح

أظهرت دراسة أعدّتها مؤسسة "أمرود كونسيلتيغ" تحت عنوان "التونسي وقراءة الكتب"، تراجع مطالعة الكتب من قبل التونسيين، رغم أنّها ضعيفة بالأساس، بينما يرتفع الوقت الذي يخصّص يوميا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

إيمان عبد اللطيف

يتصفح التونسي موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" لأكثر من ساعتين يوميا بما يقارب67 ساعة شهريا. ويُمضي 60 ساعة شهريا في تصفّح موقع "التيك توك"، و56 ساعة شهريا في تصفّح "الانستغرام"، و42 ساعة في الاطّلاع على "اليوتيوب" (أي في المجمل 225 ساعة شهريا). بينما يبلغ عدد ساعات القراءة في الشهر للفرد الواحد 3 ساعات و20 دقيقة فقط.

في العالم، بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حتى شهر جانفي 2024، نحو 5.04 مليار مستخدم، أي ما يعادل 62.3% من إجمالي سكان العالم. واستمرت أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في النمو خلال الأشهر الـ12 الماضية أيضا، حيث انضم 266 مليون مستخدم جديد إلى تلك المنصات، ويعادل ذلك نموا سنويا بنسبة 5.6%، بمعدل متوسط قدره 8.4 مستخدم جديد في كل ثانية، وذلك بحسب بيانات موقع "كيبيوس" المتخصص في بيانات وسائل التواصل الاجتماعي.

نمو المستخدمين كان أسرع خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث نتج عنه ارتفاع إجمالي المستخدمين النشطين عالميا بمتوسط 9.4 مستخدم في الثانية بين أكتوبر 2023 وجانفي 2024. وتشير أحدث الأرقام إلى أن ما يزيد على 9 من كل 10 مستخدمي إنترنت يستخدمون الآن وسائل التواصل الاجتماعي كل شهر.

ويعادل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي (البالغين) حول العالم (أي أولئك الذين تبلغ أعمارهم 18 عاما فما فوق) الآن أكثر من 84 % من جميع البالغين في تلك الفئة العمرية.

ويستخدم أو يزور المستخدم العادي لوسائل التواصل الاجتماعي ما متوسطه6.7 منصات اجتماعية مختلفة كل شهر، ويقضي ما متوسطه ساعتين و23 دقيقة يوميا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقضي العالم أكثر من 12 مليار ساعة في استخدام منصات التواصل الاجتماعي كل يوم، وهو ما يعادل أكثر من 1.35 مليون سنة من الوجود البشري.

ولا يزال "فايسبوك" منصة التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما في العالم بـ3.1 مليار زائر كل شهر ويشكلون 63% من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في العالم، كما أن هناك ست منصات للتواصل الاجتماعي تضم كل منها مليار مستخدم نشط شهريا أو أكثر، وثلاث من هذه المنصات مملوكة لشركة "ميتا". علاوة على ذلك، فإن إجمالي 15 منصة تواصل اجتماعي لديها ما لا يقل عن 400 مليون مستخدم نشط في جانفي 2024.

حالة من "الهسترة" أضحى عليها العالم بأسره، فالأخبار بأنواعها تنتشر بسرعة البرق، مظاهر وسلوكيات عادية وغير عادية وفي أغلب الأحيان عجيبة أصبحت تجوب مواقع التواصل الاجتماعي وتُوقع الناس في موجة من الانبهار متعددة الأوجه من تبعية وتقليد من جهة وابتكار وإبداع من جهة ثانية وتحيل وتسول وسب وشتم وهتك الأعراض ونشر الفضائح من جهة ثالثة، ما يطرح تساؤلا عن أسباب ظاهرة التحول والهجرة المليونية نحو هذه المواقع.

أوضح أستاذ علم الاجتماع سامي بن نصر في تصريح لـ "الصباح" أنّ "ما يجلب الانتباه أنّ هناك تعلقا وهناك قوّة في التعلق، وما يلفت الانتباه أكثر أن ذلك ليس مرتبطا بفئة معينة، فنجد هذا التعلق كما هو لدى المرأة هو لدى الرجل، وعند صغار السن كما عند كبار السنّ".

وأوضح بن نصر "عندما كنا ندرس أي موضوع "سوسيولوجيا" كنا نستعمل مصطلح "المتغيرات"، في هذا الموضوع تقريبا كل "المتغيرات" لم يعد لها استعمال أو توظيف دقيق، فعادة عند دراسة ظاهرة ما من خلال متغيرات ما، تجدها تتغير كل ما غيّرنا متغيّرا مثل السن أو الجنس أو المستوى الاجتماعي أو الدراسي أو غيرها... اليوم نجد فعلا أن هذا التعلق بمواقع التواصل الاجتماعي شمل كلّ الناس وكل الأصناف وكل الأوضاع".

وقال سامي بن نصر "السؤال الذي يُطرح ما هو سرّ هذه الجاذبية؟ السبب الأول والرئيسي أن مواقع التواصل الاجتماعي تتجانس كليّا مع خصائص الإنسان ورغباته، فمثلا الإنسان، كما تؤكد على ذلك نظرية تايلور، يريد أن يحقق أكبر شيء ممكن في أقل وقت وبأقل جهد وبأقل تكلفة".

وأضاف "اليوم شبكات التواصل الاجتماعي وفّرت هذه الرغبة، فلو ننظر حتى على المستوى السياسي كان في السابق أي شخص يريد نشر أي بيان كان يتطلب منه ذلك الكثير من الجهد من مال ووقت وغيره ليصبح الآن مسألة سريعة لا تتطلب إلا لحظات ويتوزع وينتشر بشكل كبير".

وبيّن أيضا أنّه "من بين خصائص الإنسان أنه عند مشاهدته للتلفاز تكون له الرغبة في التفاعل مع ما يبث بشتى الطرق والسلوكيات ولكنه يبقى في نهاية الأمر متفرجا، مقابل ذلك وفي مواقع التواصل الاجتماعي نفس الأشخاص الذين شاهدتهم في التلفاز يمكن التفاعل معهم والتعبير عن رأيك بالطريقة التي تريدها وترغب فيها دون حواجز، وهذا ما يُدعّم قوة الجاذبية لهذه المواقع".

وأضاف أستاذ علم الاجتماع "من بين الأسباب الأخرى، هناك واقع ورفض للواقع، وهناك ألم داخلي يعيشه الأشخاص عموما، فالإنسان الذي يعيش واقعا ويرفضه فإنه يصبح يبحث عن بديل. ففي السابق كانت مواقع التواصل الاجتماعي عبارة عن إعلام بديل، ولكن تحولت اليوم إلى حياة اجتماعية بديلة".

وقال:"الخصوصية الأخرى لشبكات التواصل الاجتماعي تتمثّل في أخذ الواقع الحالي وإعادة صياغته وفق قوة الجذب للأشياء التي يرُيد الأشخاص رؤيتها، فالظواهر الاجتماعية التي نجدها في الواقع أصبحنا نراه في هذه المواقع.

مثلا نحن تربينا على "الدقازة" ولدينا جمهور واسع من المشعوذين والراغبين في هذه المسائل، نأتي إلى شبكات التواصل الاجتماعي فنجد تطبيقات لهذه الشعوذة كأن يريك وجهك بعد عشر سنوات، أو مستقبلك بعد سنوات أو المهنة التي تناسبك، أو حظك اليوم وبعد شهر وبعد سنة وغيرها ..".

وأضاف "السبب الذي أريد التركيز عليه أكثر والذي عادة لا نتحدث عنه. وهو أن هناك اختصاصا في علم الاجتماع يُسمى علم اجتماع الصورة والذي يقول "نحن لسنا بشرا نتفاعل مع بعضنا بل نحن صور تتفاعل بين بعضها البعض. بمعنى أن الشخص يتفاعل مع شخص آخر وفق الصورة التي يحملها عنه والعكس بالعكس".

وبيّن سامي بن نصر أن "كل إنسان في تفاعله الاجتماعي له ثلاث صور، فكل واحد فينا له صورته التي يريد الظهور عليها، والصورة التي يريد إخفاءها، والصورة الحقيقية التي تظهر في مناسبات معينة مثل الغضب الشديد أو الفرح الشديد أو غيرها"...

وأوضح "إذا أخذنا هذه الصور سحبناها على مواقع التواصل الاجتماعي فإننا نلاحظ أنّ هذه الشبكات قامت بإعطاء لكل شخص القدرة العجيبة على نشر الصورة التي يريد الظهور عليها، فمثلا إذا شخص يريد أن يظهر في صورة مناضل فله ذلك من خلال كتابة المنشورات النضالية. وإذا الشخص أراد أن يظهر في صورة إنسان تقي فله ذلك أيضا وغيرها من الأمثلة.. وفي نفس الوقت أعطت هذه الشبكات قدرة عجيبة على إخفاء الصورة التي لا نريد إظهارها لمن لا يعرفوننا في الواقع.. وبالتالي اليوم شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت لها قدرة وجاذبية كبيرة للأشخاص لهذه الأسباب".

وأضاف "ما يجري بمواقع التواصل الاجتماعي من محاولات للتقليد والانبهار والبحث عن موقع مشابه لشخصية خاصة في ما يتعلق بالحصول على المال، هو مرتبط أولا بخصوصية الإنسان الذي يريد الربح بأقل وقت وبأقل جهد وبأقل تكلفة، وتتعلق أيضا بمسألة أخرى وهي أنه كيف أنّ العالم الواقعي قد انتقل إلى العالم الافتراضي، فمثلا لدينا التسول في الواقع ولدينا التسول الفايسبوكي، ونفس الشيء بالنسبة للتحيل والتحرش وكما لدينا التجارة في الواقع لدينا تجارة على هذه الشبكات.. واليوم أيضا الجميع أصبحوا يريدون أن يتحولوا إلى نجوم، وشبكات التواصل الاجتماعي سهلت عملية النجومية".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكات التواصل الاجتماعي.. "حياة بديلة" عند التونسي!

- أكثر 62% من سكان العالم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي.. بمعدل متوسط قدره 8.4 مستخدم جديد في كل ثانية

• أستاذ علم الاجتماع سامي بن نصر لـ"الصباح": "خصوصية شبكات التواصل الاجتماعي تتمثّل في أخذ الواقع الحالي وإعادة صياغته وفق قوة الجذب للأشياء التي يرُيد الأشخاص رؤيتها"

تونس – الصباح

أظهرت دراسة أعدّتها مؤسسة "أمرود كونسيلتيغ" تحت عنوان "التونسي وقراءة الكتب"، تراجع مطالعة الكتب من قبل التونسيين، رغم أنّها ضعيفة بالأساس، بينما يرتفع الوقت الذي يخصّص يوميا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

إيمان عبد اللطيف

يتصفح التونسي موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" لأكثر من ساعتين يوميا بما يقارب67 ساعة شهريا. ويُمضي 60 ساعة شهريا في تصفّح موقع "التيك توك"، و56 ساعة شهريا في تصفّح "الانستغرام"، و42 ساعة في الاطّلاع على "اليوتيوب" (أي في المجمل 225 ساعة شهريا). بينما يبلغ عدد ساعات القراءة في الشهر للفرد الواحد 3 ساعات و20 دقيقة فقط.

في العالم، بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حتى شهر جانفي 2024، نحو 5.04 مليار مستخدم، أي ما يعادل 62.3% من إجمالي سكان العالم. واستمرت أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في النمو خلال الأشهر الـ12 الماضية أيضا، حيث انضم 266 مليون مستخدم جديد إلى تلك المنصات، ويعادل ذلك نموا سنويا بنسبة 5.6%، بمعدل متوسط قدره 8.4 مستخدم جديد في كل ثانية، وذلك بحسب بيانات موقع "كيبيوس" المتخصص في بيانات وسائل التواصل الاجتماعي.

نمو المستخدمين كان أسرع خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث نتج عنه ارتفاع إجمالي المستخدمين النشطين عالميا بمتوسط 9.4 مستخدم في الثانية بين أكتوبر 2023 وجانفي 2024. وتشير أحدث الأرقام إلى أن ما يزيد على 9 من كل 10 مستخدمي إنترنت يستخدمون الآن وسائل التواصل الاجتماعي كل شهر.

ويعادل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي (البالغين) حول العالم (أي أولئك الذين تبلغ أعمارهم 18 عاما فما فوق) الآن أكثر من 84 % من جميع البالغين في تلك الفئة العمرية.

ويستخدم أو يزور المستخدم العادي لوسائل التواصل الاجتماعي ما متوسطه6.7 منصات اجتماعية مختلفة كل شهر، ويقضي ما متوسطه ساعتين و23 دقيقة يوميا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

ويقضي العالم أكثر من 12 مليار ساعة في استخدام منصات التواصل الاجتماعي كل يوم، وهو ما يعادل أكثر من 1.35 مليون سنة من الوجود البشري.

ولا يزال "فايسبوك" منصة التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما في العالم بـ3.1 مليار زائر كل شهر ويشكلون 63% من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في العالم، كما أن هناك ست منصات للتواصل الاجتماعي تضم كل منها مليار مستخدم نشط شهريا أو أكثر، وثلاث من هذه المنصات مملوكة لشركة "ميتا". علاوة على ذلك، فإن إجمالي 15 منصة تواصل اجتماعي لديها ما لا يقل عن 400 مليون مستخدم نشط في جانفي 2024.

حالة من "الهسترة" أضحى عليها العالم بأسره، فالأخبار بأنواعها تنتشر بسرعة البرق، مظاهر وسلوكيات عادية وغير عادية وفي أغلب الأحيان عجيبة أصبحت تجوب مواقع التواصل الاجتماعي وتُوقع الناس في موجة من الانبهار متعددة الأوجه من تبعية وتقليد من جهة وابتكار وإبداع من جهة ثانية وتحيل وتسول وسب وشتم وهتك الأعراض ونشر الفضائح من جهة ثالثة، ما يطرح تساؤلا عن أسباب ظاهرة التحول والهجرة المليونية نحو هذه المواقع.

أوضح أستاذ علم الاجتماع سامي بن نصر في تصريح لـ "الصباح" أنّ "ما يجلب الانتباه أنّ هناك تعلقا وهناك قوّة في التعلق، وما يلفت الانتباه أكثر أن ذلك ليس مرتبطا بفئة معينة، فنجد هذا التعلق كما هو لدى المرأة هو لدى الرجل، وعند صغار السن كما عند كبار السنّ".

وأوضح بن نصر "عندما كنا ندرس أي موضوع "سوسيولوجيا" كنا نستعمل مصطلح "المتغيرات"، في هذا الموضوع تقريبا كل "المتغيرات" لم يعد لها استعمال أو توظيف دقيق، فعادة عند دراسة ظاهرة ما من خلال متغيرات ما، تجدها تتغير كل ما غيّرنا متغيّرا مثل السن أو الجنس أو المستوى الاجتماعي أو الدراسي أو غيرها... اليوم نجد فعلا أن هذا التعلق بمواقع التواصل الاجتماعي شمل كلّ الناس وكل الأصناف وكل الأوضاع".

وقال سامي بن نصر "السؤال الذي يُطرح ما هو سرّ هذه الجاذبية؟ السبب الأول والرئيسي أن مواقع التواصل الاجتماعي تتجانس كليّا مع خصائص الإنسان ورغباته، فمثلا الإنسان، كما تؤكد على ذلك نظرية تايلور، يريد أن يحقق أكبر شيء ممكن في أقل وقت وبأقل جهد وبأقل تكلفة".

وأضاف "اليوم شبكات التواصل الاجتماعي وفّرت هذه الرغبة، فلو ننظر حتى على المستوى السياسي كان في السابق أي شخص يريد نشر أي بيان كان يتطلب منه ذلك الكثير من الجهد من مال ووقت وغيره ليصبح الآن مسألة سريعة لا تتطلب إلا لحظات ويتوزع وينتشر بشكل كبير".

وبيّن أيضا أنّه "من بين خصائص الإنسان أنه عند مشاهدته للتلفاز تكون له الرغبة في التفاعل مع ما يبث بشتى الطرق والسلوكيات ولكنه يبقى في نهاية الأمر متفرجا، مقابل ذلك وفي مواقع التواصل الاجتماعي نفس الأشخاص الذين شاهدتهم في التلفاز يمكن التفاعل معهم والتعبير عن رأيك بالطريقة التي تريدها وترغب فيها دون حواجز، وهذا ما يُدعّم قوة الجاذبية لهذه المواقع".

وأضاف أستاذ علم الاجتماع "من بين الأسباب الأخرى، هناك واقع ورفض للواقع، وهناك ألم داخلي يعيشه الأشخاص عموما، فالإنسان الذي يعيش واقعا ويرفضه فإنه يصبح يبحث عن بديل. ففي السابق كانت مواقع التواصل الاجتماعي عبارة عن إعلام بديل، ولكن تحولت اليوم إلى حياة اجتماعية بديلة".

وقال:"الخصوصية الأخرى لشبكات التواصل الاجتماعي تتمثّل في أخذ الواقع الحالي وإعادة صياغته وفق قوة الجذب للأشياء التي يرُيد الأشخاص رؤيتها، فالظواهر الاجتماعية التي نجدها في الواقع أصبحنا نراه في هذه المواقع.

مثلا نحن تربينا على "الدقازة" ولدينا جمهور واسع من المشعوذين والراغبين في هذه المسائل، نأتي إلى شبكات التواصل الاجتماعي فنجد تطبيقات لهذه الشعوذة كأن يريك وجهك بعد عشر سنوات، أو مستقبلك بعد سنوات أو المهنة التي تناسبك، أو حظك اليوم وبعد شهر وبعد سنة وغيرها ..".

وأضاف "السبب الذي أريد التركيز عليه أكثر والذي عادة لا نتحدث عنه. وهو أن هناك اختصاصا في علم الاجتماع يُسمى علم اجتماع الصورة والذي يقول "نحن لسنا بشرا نتفاعل مع بعضنا بل نحن صور تتفاعل بين بعضها البعض. بمعنى أن الشخص يتفاعل مع شخص آخر وفق الصورة التي يحملها عنه والعكس بالعكس".

وبيّن سامي بن نصر أن "كل إنسان في تفاعله الاجتماعي له ثلاث صور، فكل واحد فينا له صورته التي يريد الظهور عليها، والصورة التي يريد إخفاءها، والصورة الحقيقية التي تظهر في مناسبات معينة مثل الغضب الشديد أو الفرح الشديد أو غيرها"...

وأوضح "إذا أخذنا هذه الصور سحبناها على مواقع التواصل الاجتماعي فإننا نلاحظ أنّ هذه الشبكات قامت بإعطاء لكل شخص القدرة العجيبة على نشر الصورة التي يريد الظهور عليها، فمثلا إذا شخص يريد أن يظهر في صورة مناضل فله ذلك من خلال كتابة المنشورات النضالية. وإذا الشخص أراد أن يظهر في صورة إنسان تقي فله ذلك أيضا وغيرها من الأمثلة.. وفي نفس الوقت أعطت هذه الشبكات قدرة عجيبة على إخفاء الصورة التي لا نريد إظهارها لمن لا يعرفوننا في الواقع.. وبالتالي اليوم شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت لها قدرة وجاذبية كبيرة للأشخاص لهذه الأسباب".

وأضاف "ما يجري بمواقع التواصل الاجتماعي من محاولات للتقليد والانبهار والبحث عن موقع مشابه لشخصية خاصة في ما يتعلق بالحصول على المال، هو مرتبط أولا بخصوصية الإنسان الذي يريد الربح بأقل وقت وبأقل جهد وبأقل تكلفة، وتتعلق أيضا بمسألة أخرى وهي أنه كيف أنّ العالم الواقعي قد انتقل إلى العالم الافتراضي، فمثلا لدينا التسول في الواقع ولدينا التسول الفايسبوكي، ونفس الشيء بالنسبة للتحيل والتحرش وكما لدينا التجارة في الواقع لدينا تجارة على هذه الشبكات.. واليوم أيضا الجميع أصبحوا يريدون أن يتحولوا إلى نجوم، وشبكات التواصل الاجتماعي سهلت عملية النجومية".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews