إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس تنفذ إجراءات للحد من مخاطره .. قريبا.. إصدار"صك دولي" ملزم للتخلص من "البلاستيك"

- وضع معاهدة دولية ملزمة ضد التلوث البلاستيكي سيكون نصرا للبلدان النامية على الدول النفطية والغنية التي تسعى لعرقلة الجهود

تونس- الصباح

بالنسبة للمتفائلين، هناك إمكانية أن تنتهي المفاوضات في الدورة الخامسة للمفاوضات الدولية من أجل وضع صك دولي ملزم قانونا بشأن التلوث البلاستيكي المنتظرة في نوفمبر القادم بكوريا الجنوبية بتحقيق الهدف المنتظر والذي راهنت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة منذ 2022 بعد استفحال مشكل النفايات البلاستيكية.

 فقد تعهدت الأطراف المعنية وأساسا منظمة الأمم المتحدة للبيئة بالعمل من أجل وضع معاهدة ملزمة تضع حدا للتلوث البلاستيكي الذي بات يهدد البيئة بشكل يبعث على القلق. وقد مكنت الدورة الرابعة للمفاوضات الدولية التي انعقدت مؤخرا بأوتاوا بكندا (من 21 إلى 29 افريل) وشاركت فيها تونس، من تحقيق تقدم هام تمثل بالخصوص في اختزال مسودة المعاهدة والتعهد بمواصلة العمل ضمن فرق مختصة من أجل التوصل إلى توافقات حول النقاط الخلافية.

لكن هذا لا يعني أن المسألة محسومة ذلك أن الدول الغنية والنفطية المتسببة بدرجة كبرى في التلوث البلاستيكي والتي تستثمر بشكل مكثف في صناعات ملوثة، تتحرك بثقلها من أجل عرقلة الجهود من أجل وضع نص ملزم وإفراغه من إطاره الملزم أو في أفضل الحالات بالنسبة لها الاكتفاء بنص فضفاض لا يضع بدقة قائمة المواد والمنتجات المستهدفة.

دول نفطية وغنية في المواجهة

وتعي هذه الدول المنتجة للبلاستيك بدرجة أولى، تعي جيدا أن التوصل لوضع صك عالمي ملزم قانونا للتخلص من النفايات البلاستيكية سيكون نصرا للدول النامية التي كثيرا ما يتم استغلال أراضيها لتصريف نفايات الآخرين بما في ذلك الخطيرة منها.

وقد برهنت الدول النامية- الإفريقية بالأساس- عن قدرة كبيرة على المفاوضات وهي مدعومة في ذلك بنشطاء البيئة الذين بدأوا يتكتلون في جمعيات ومنظمات غير حكومية في كل أنحاء العالم وخاصة في البلدان المتضررة أكثر، لتوحيد الجهود وللتأثير بشكل أفضل على أصحاب القرار في العالم رغم انه أحيانا يبقى المجتمع المدني خارج أسوار الفضاءات التي تعقد بها المفاوضات الرسمية بما في ذلك المفاوضات البيئية.

وعموما وبعيدا عن كل الاعتبارات، فإن جل الملاحظين يجمعون على أن تجاوز الخلافات والتوافق حول نص قانوني واضح وملزم وغلق المنافذ أمام إمكانيات التأويل غير البريئة مسألة صعبة جدا لطبيعة الموضوع وللمسؤولية التي ستترتب عنه وخاصة مسألة التمويل.

 ولنا أن نذكر بان أهم مشكل طرح أمام المفاوضات الدولية لوضع صك دولي ملزم ضد التلوث البلاستيكي هو المشكل المفاهيمي فليس هنالك تعريف واضح للمسؤولية الممتدة للمنتج مما يطرح تساؤلات حول تطبيق القانون على كل أشكال المواد البلاستيكية والمنتجات البلاستيكية والنفايات أم لا، وهو ما سيجعل المفاوضات القادمة عسيرة جدا لان التوصل إلى صك عالمي ملزم قانونا لن يشمل فقط المواد الممنوعة وإنما يشمل أيضا إشكال تحميل المسؤولية. بمعنى آخر هل سيسمح للدول بان تلائم الأمر مع قوانينها أم ستكون جميعها ملزمة بالتنفيذ بنفس الطريقة وغيرها من التفاصيل المتعلقة بالموضوع الذي وجب الاعتراف بأنه ليس بسيطا بالمرة. فالمسألة لها علاقة بمصالح حيوية لشركات مختصة في تصنيع هذه المادة وهي على سبيل المثال مصدر للتشغيل في تونس من خلال الشركات المصنعة للبلاستيك، الأمر الذي يتطلب حلولا على غرار التوجه إلى صناعات بديلة مثلا. وعموما إن المرور إلى الاقتصاد الأخضر يمثل للجميع وخاصة للبلدان النامية تحديا كبيرا فهو يتطلب إمكانيات مادية ولوجستية وهو يتطلب عملا كبيرا على مستوى تغيير السلوكيات. فليس من السهل مثلا أن نقنع المستهلك بان يغير عاداته الاستهلاكية بشكل جذري في وقت قياسي. ومن المفروض أن تكون كل خطوة مسبوقة بعمل توعوي كبير يجعل المواطن شريكا في العملية لا مجرد متفرج يشاهد ما يحدث بتعجب ناجم عن عدم فهم ودراية.

أخطر أنواع التلوث

وفي الانتظار نذكر بأن جمعية الأمم المتحدة للبيئة التي تشرف على الجهود من أجل التخلص من النفايات البلاستكية، هي أعلى هيئة لصنع القرار في العالم بشأن البيئة. وهي تجتمع مرة كل سنتين لتحديد أولويات السياسات البيئية العالمية.

وقد تم إنشاء الجمعية في 2012 وتحديدا خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وهي اليوم في قلب الحدث في العالم خاصة مع تفاقم المخاطر الناجمة عن التحولات المناخية المتسارعة التي يشهدها العالم. وقد بادرت الجمعية وفي إطار الجهود لمقاومة نتائج هذه التحولات المجنونة التي بدأنا نلمس تأثيرها على حياة البشر خاصة من خلال الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة واختلال الفصول وتعدد الظواهر المناخية الغريبة وارتفاع نسق الكوارث الطبيعية من جفاف وفيضانات وغيرها، بالدعوة إلى معاهدة عالمية ملزمة قانونيا ضد التلوث البلاستيكي.

جاء ذلك بعد أن تبين أن النفايات البلاستيكية بما في ذلك بالبيئة البحرية هي من أخطر أنواع التلوث التي تهدد البيئة عموما وتهدد التنوع البيولوجي بالخصوص. ويؤكد الخبراء والمختصون أن البلاستيك يهدد الحياة البرية والتربة لان هذه المادة "تشكل طبقة عازلة بين التربة وجذور النباتات الزراعية"، وهي وراء نشأة العديد من الطفيليات التي تتسبب في أمراض وتقتل الحيوانات وتتسبب في اختفاء العديد من الأنواع البحرية. مع العلم أن البحر الأبيض المتوسط وبشهادة الخبراء في العالم يعتبر من أكثر بحار العالم تضررا من القمامة البحرية التي تتكون أساسا من مواد ومنتجات بلاستيكية وهناك حملة متواصلة منذ فترة على المستوى الوطني والمتوسطي يقودها الصندوق العالمي للطبيعية تحت شعار "تبنى شاطئ" لمقاومة النفايات البلاستيكية بالبيئة البحرية.

أما دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة إلى وضع صك عالمي ملزم ضد النفايات البلاستيكية فقد أطلقت في مارس 2022 وانطلقت على إثرها مباشرة مفاوضات دولية للغرض كانت آخرها مفاوضات اوتاوا بكندا وينتظر أن تختتم جولة المفاوضات في كوريا الجنوبية بالإعلان عن المعاهدة العالمية المنتظرة قبل موفى العام الحالي (2024). مع العلم أن بلادنا تشارك بحماس في الجهود الأممية من اجل مقاومة الاختلال البيئي وقد شاركت في الدورة الأخيرة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة وشاركت كذلك في الدورة الرابعة للمفاوضات الدولية من اجل صك دولي ملزم ضد التلوث البلاستيكي. وانطلقت تونس في تنفيذ إجراءات للحد من انتشار المواد البلاستيكية من بينها منع استعمال الأكياس البلاستيكية في المغازات الكبرى والمخابز. وهي وإن كانت خطوة هامة فهي تحتاج إلى تقييم دقيق ومعرفة إلى أي مدى حقق تطبيقها بهذا الشكل النجاعة المطلوبة؟

 حياة السايب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تونس تنفذ إجراءات للحد من مخاطره ..  قريبا.. إصدار"صك دولي" ملزم للتخلص من "البلاستيك"

- وضع معاهدة دولية ملزمة ضد التلوث البلاستيكي سيكون نصرا للبلدان النامية على الدول النفطية والغنية التي تسعى لعرقلة الجهود

تونس- الصباح

بالنسبة للمتفائلين، هناك إمكانية أن تنتهي المفاوضات في الدورة الخامسة للمفاوضات الدولية من أجل وضع صك دولي ملزم قانونا بشأن التلوث البلاستيكي المنتظرة في نوفمبر القادم بكوريا الجنوبية بتحقيق الهدف المنتظر والذي راهنت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة منذ 2022 بعد استفحال مشكل النفايات البلاستيكية.

 فقد تعهدت الأطراف المعنية وأساسا منظمة الأمم المتحدة للبيئة بالعمل من أجل وضع معاهدة ملزمة تضع حدا للتلوث البلاستيكي الذي بات يهدد البيئة بشكل يبعث على القلق. وقد مكنت الدورة الرابعة للمفاوضات الدولية التي انعقدت مؤخرا بأوتاوا بكندا (من 21 إلى 29 افريل) وشاركت فيها تونس، من تحقيق تقدم هام تمثل بالخصوص في اختزال مسودة المعاهدة والتعهد بمواصلة العمل ضمن فرق مختصة من أجل التوصل إلى توافقات حول النقاط الخلافية.

لكن هذا لا يعني أن المسألة محسومة ذلك أن الدول الغنية والنفطية المتسببة بدرجة كبرى في التلوث البلاستيكي والتي تستثمر بشكل مكثف في صناعات ملوثة، تتحرك بثقلها من أجل عرقلة الجهود من أجل وضع نص ملزم وإفراغه من إطاره الملزم أو في أفضل الحالات بالنسبة لها الاكتفاء بنص فضفاض لا يضع بدقة قائمة المواد والمنتجات المستهدفة.

دول نفطية وغنية في المواجهة

وتعي هذه الدول المنتجة للبلاستيك بدرجة أولى، تعي جيدا أن التوصل لوضع صك عالمي ملزم قانونا للتخلص من النفايات البلاستيكية سيكون نصرا للدول النامية التي كثيرا ما يتم استغلال أراضيها لتصريف نفايات الآخرين بما في ذلك الخطيرة منها.

وقد برهنت الدول النامية- الإفريقية بالأساس- عن قدرة كبيرة على المفاوضات وهي مدعومة في ذلك بنشطاء البيئة الذين بدأوا يتكتلون في جمعيات ومنظمات غير حكومية في كل أنحاء العالم وخاصة في البلدان المتضررة أكثر، لتوحيد الجهود وللتأثير بشكل أفضل على أصحاب القرار في العالم رغم انه أحيانا يبقى المجتمع المدني خارج أسوار الفضاءات التي تعقد بها المفاوضات الرسمية بما في ذلك المفاوضات البيئية.

وعموما وبعيدا عن كل الاعتبارات، فإن جل الملاحظين يجمعون على أن تجاوز الخلافات والتوافق حول نص قانوني واضح وملزم وغلق المنافذ أمام إمكانيات التأويل غير البريئة مسألة صعبة جدا لطبيعة الموضوع وللمسؤولية التي ستترتب عنه وخاصة مسألة التمويل.

 ولنا أن نذكر بان أهم مشكل طرح أمام المفاوضات الدولية لوضع صك دولي ملزم ضد التلوث البلاستيكي هو المشكل المفاهيمي فليس هنالك تعريف واضح للمسؤولية الممتدة للمنتج مما يطرح تساؤلات حول تطبيق القانون على كل أشكال المواد البلاستيكية والمنتجات البلاستيكية والنفايات أم لا، وهو ما سيجعل المفاوضات القادمة عسيرة جدا لان التوصل إلى صك عالمي ملزم قانونا لن يشمل فقط المواد الممنوعة وإنما يشمل أيضا إشكال تحميل المسؤولية. بمعنى آخر هل سيسمح للدول بان تلائم الأمر مع قوانينها أم ستكون جميعها ملزمة بالتنفيذ بنفس الطريقة وغيرها من التفاصيل المتعلقة بالموضوع الذي وجب الاعتراف بأنه ليس بسيطا بالمرة. فالمسألة لها علاقة بمصالح حيوية لشركات مختصة في تصنيع هذه المادة وهي على سبيل المثال مصدر للتشغيل في تونس من خلال الشركات المصنعة للبلاستيك، الأمر الذي يتطلب حلولا على غرار التوجه إلى صناعات بديلة مثلا. وعموما إن المرور إلى الاقتصاد الأخضر يمثل للجميع وخاصة للبلدان النامية تحديا كبيرا فهو يتطلب إمكانيات مادية ولوجستية وهو يتطلب عملا كبيرا على مستوى تغيير السلوكيات. فليس من السهل مثلا أن نقنع المستهلك بان يغير عاداته الاستهلاكية بشكل جذري في وقت قياسي. ومن المفروض أن تكون كل خطوة مسبوقة بعمل توعوي كبير يجعل المواطن شريكا في العملية لا مجرد متفرج يشاهد ما يحدث بتعجب ناجم عن عدم فهم ودراية.

أخطر أنواع التلوث

وفي الانتظار نذكر بأن جمعية الأمم المتحدة للبيئة التي تشرف على الجهود من أجل التخلص من النفايات البلاستكية، هي أعلى هيئة لصنع القرار في العالم بشأن البيئة. وهي تجتمع مرة كل سنتين لتحديد أولويات السياسات البيئية العالمية.

وقد تم إنشاء الجمعية في 2012 وتحديدا خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وهي اليوم في قلب الحدث في العالم خاصة مع تفاقم المخاطر الناجمة عن التحولات المناخية المتسارعة التي يشهدها العالم. وقد بادرت الجمعية وفي إطار الجهود لمقاومة نتائج هذه التحولات المجنونة التي بدأنا نلمس تأثيرها على حياة البشر خاصة من خلال الارتفاع غير المسبوق لدرجات الحرارة واختلال الفصول وتعدد الظواهر المناخية الغريبة وارتفاع نسق الكوارث الطبيعية من جفاف وفيضانات وغيرها، بالدعوة إلى معاهدة عالمية ملزمة قانونيا ضد التلوث البلاستيكي.

جاء ذلك بعد أن تبين أن النفايات البلاستيكية بما في ذلك بالبيئة البحرية هي من أخطر أنواع التلوث التي تهدد البيئة عموما وتهدد التنوع البيولوجي بالخصوص. ويؤكد الخبراء والمختصون أن البلاستيك يهدد الحياة البرية والتربة لان هذه المادة "تشكل طبقة عازلة بين التربة وجذور النباتات الزراعية"، وهي وراء نشأة العديد من الطفيليات التي تتسبب في أمراض وتقتل الحيوانات وتتسبب في اختفاء العديد من الأنواع البحرية. مع العلم أن البحر الأبيض المتوسط وبشهادة الخبراء في العالم يعتبر من أكثر بحار العالم تضررا من القمامة البحرية التي تتكون أساسا من مواد ومنتجات بلاستيكية وهناك حملة متواصلة منذ فترة على المستوى الوطني والمتوسطي يقودها الصندوق العالمي للطبيعية تحت شعار "تبنى شاطئ" لمقاومة النفايات البلاستيكية بالبيئة البحرية.

أما دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة إلى وضع صك عالمي ملزم ضد النفايات البلاستيكية فقد أطلقت في مارس 2022 وانطلقت على إثرها مباشرة مفاوضات دولية للغرض كانت آخرها مفاوضات اوتاوا بكندا وينتظر أن تختتم جولة المفاوضات في كوريا الجنوبية بالإعلان عن المعاهدة العالمية المنتظرة قبل موفى العام الحالي (2024). مع العلم أن بلادنا تشارك بحماس في الجهود الأممية من اجل مقاومة الاختلال البيئي وقد شاركت في الدورة الأخيرة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة وشاركت كذلك في الدورة الرابعة للمفاوضات الدولية من اجل صك دولي ملزم ضد التلوث البلاستيكي. وانطلقت تونس في تنفيذ إجراءات للحد من انتشار المواد البلاستيكية من بينها منع استعمال الأكياس البلاستيكية في المغازات الكبرى والمخابز. وهي وإن كانت خطوة هامة فهي تحتاج إلى تقييم دقيق ومعرفة إلى أي مدى حقق تطبيقها بهذا الشكل النجاعة المطلوبة؟

 حياة السايب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews